عند معارضته مع الخبر الموافق للكتاب ( كيف ) ولازم خروج هذا القسم من المخالف للكتاب عن موضوع اخبار الترجيح هو حصر مورد الترجيح بالموافقة والمخالفة بما يكون على نحو العموم من وجه ( وبعد ) ندرة المخالف للكتاب وقلة وجوده في الاخبار المتعارضة ، يلزم حمل ما أطلق فيه الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفته على المورد النادر الذي هو بحكم المعدوم ، وهو كما ترى ( فلا محيص ) حينئذ من تعميم المخالفة في تلك الأخبار بما يعم العموم المطلق ( ثم إن ) الحكم بالترجيح بموافقة الكتاب أو مخالفته انما يكون إذا كان التنافي بين الخبرين بالتباين الكلي ، كما إذا كان مفاد أحد الخبرين حرمة لحم الحمار ، وكان مفاد الآخر حليته ( فإنه ) في مقام الترجيح يقدم ما دل على حليته لكونه موافقا للعام الكتابي وهو قوله سبحانه أحل لكم ما في الأرض جميعا ( واما ) لو كان التنافي بينهما بنحو العموم المطلق ، فلا ترجيح بموافقة الكتاب ولا بمخالفته ، بل يقدم الخبر المخالف ويخصص به العام الخبري والكتابي على قواعد الجمع بين الأظهر والظاهر ، لما تقدم من خروج موارد الجمع العرفي عن موضوع اخبار العلاج ( هذا ) إذا كان التنافي بين الخبرين على نحو التباين الكلي أو العموم المطلق ( واما ) إذا كان التنافي بينهما بنحو العموم من وجه فسيأتي حكمه انشاء تعالى.
( هذا كله ) في الترجيح بموافقة الكتاب.
( واما الترجيح بمخالفة العامة فلا ريب في أصل الترجيح بها لدلالة غير واحد من الاخبار التي منها المقبولة على وجوب الاخذ بما يخالف العامة وطرح ما يوافقهم ( وانما ) الكلام في وجه الترجيح بها ( فان ) المحتمل بدوا في الترجيح بمخالفة العامة أمور ( الأول ) ان يكون وجه الترجيح لمجرد حسن المخالفة لهم ، كما قيل إنه ظاهر مرسل داود بن حصين من قوله (ع) من وافقنا خالف عدونا ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منا ولا نحن منه ( الثاني ) ان يكون لمحض التعبد ، لقوله (ع) في رواية سماعة بن مهران خذ بما خالف العامة ( الثالث ) ان يكون