من غير احتياج في مرحلة صحة العمل ولا في المعذرية والمنجزية إلى تعيين شخص خاص في العمل برأيه ( واما ) في فرض تعدد المجتهد واختلافهم في الفتاوى وتساويهم في الفضل ، وان كان لا محيص من الاخذ والاختيار مقدمة لتحصيل الحجة على امتثال الاحكام ، ويجب العمل شرعا على طبق ما يختاره لصيرورته بعد الاخذ حجة تعيينية على المقلد ( إلا ) انه لا يتفاوت الحال فيه بين القولين في التقليد.
( المقام الثاني ) في وجوب التقليد أو جوازه على العامي وبيان أدلته ( ولا يخفى ) أن عمدة المستند على لزوم التقليد بالنسبة إلى المقلد العامي ، وهو الامر الجبلي الفطري الارتكازي في نفوس عامة الناس على لزوم رجوع الجاهل بالوظيفة إلى العالم بها بنحو موجب لجريهم عليه طبعا وعلمهم بالحكم بلا التفات منهم إلى وجه علمهم ، كما في سائر ارتكازاتهم بحسب الفطرة والجبلة التي أودعها فيهم بارئهم ( والى ذلك ) أيضا يرجع السيرة المعهودة من العرف والعقلاء والمتدينين من الصدر الأول على رجوعهم في كل ما جهلوا به إلى العالم ، بل ويرشد إليه ما ورد في الأدلة الشرعية من ارجاع الجاهل إلى العالم ( وعليه ) فيكفي مثل هذا الارتكاز الفطري دليلا على المسألة ( ولا يحتاج ) إلى اتعاب النفس بجعل المستند الحامل للعامي على التقليد بالنسبة إلي الوظائف التكليفية والوضعية دليل الانسداد ( بتقريب ) ان المقلد العامي بعد علمه بثبوت المبدأ وارسال الرسل وتشريع الشريعة ، وعلمه بلزوم التعرض للوظائف الشرعية المقررة له ، وعدم تمكنه من الامتثال التفصيلي باستخراج وظائفه من الأدلة ، ولا من الامتثال الاجمالي بالاحتياط ، لعدم معرفته بموارد الاحتياطات ، وللعسر والحرج المنفيين في الشريعة ، يحكم عقله السليم بلزوم الرجوع إلى فتوى المجتهد لكونها أقرب الطرق لديه إلى الواقع ( كيف ) وعلى ذلك يشكل في مرجعية فتوى المجتهد في تعيين وظائفه في الموارد التي يكون المقلد ظانا على خلاف رأي المجتهد ( فنفس بنائهم ) على الرجوع إلى فتوى المجتهد وعدم اعتنائهم بظنونهم على خلاف رأي المجتهد من غير نكير من أحد يكشف عن أن المستند الباعث على حملهم على التقليد هو الامر الجبلي الفطري السليم على لزوم