فتوى الأعلم مطلقا ( فإنه ) قبل الاخذ بها يشك في حجيتها ووجوب التعبد بها ، وكذا بعد الاخذ بفتوى غيره ( ومع ) هذا الشك كيف يمكن دعوى اندراج المقام في مسألة التعيين والتخيير المستلزم لليقين بوجوب العمل على طبق المعين على كل تقدير ( نعم ) حيث أن الاخذ بفتوى الأعلم موجب لليقين بحجيتها ، بخلاف فتوى غيره ، فأنه مع الاخذ بها يشك في حجيتها ، ينتهى الامر إلى مقطوع الحجية بالأخذ ومشكوكها فيحكم العقل بوجوب الاخذ بما هو مقطوع الحجية دون مشكوكها ( وبذلك ) يفترق المقام على مسألة التعيين والتخيير في المسألة الفرعية ، حيث نقول بالتعيين في المقام ولو مع عدم القول به في تلك المسألة والمصير فيها إلى البراءة ( ولعل ) مثل هذه الجهة أيضا هو الموجب لمصيرهم إلى التعيين في المقام مع تشكيكهم في تلك المسألة.
( وقد استدل ) لوجوب تقليد الأعلم والمنع عن تقليد غيره بوجهين آخرين ( أحدهما ) دعوى الاجماع على وجوب تقليد الأعلم عند التعارض واختلاف الفتوى ( وثانيهما ) ان فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع من فتوى غيره ، فيجب الاخذ به لقضاء العقل بلزوم الاخذ بالأقرب عند التعارض والاختلاف ( وفيهما ) من الضعف ما لا يخفى ( أما الاجماع ) فلا وجه لدعواه في المسألة مع وجود هذا الخلاف العظيم ( مضافا ) إلى قوة احتمال كون مدرك المتفقين هو الأصل الذي قررناه ( إذ معه ) لا مجال لتحصيل الاجاع بالظفر باتفاق جماعة من الاعلام ( وأما الدليل ) العقلي فممنوع صغرى وكبرى ( اما الصغرى ) فبمنع كون فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع من غيره ( بل قد يكون ) فتوى غيره أقرب إلى الواقع من فتواه خصوصا لموافقته لفتوى من هو أعلم منه ممن مات ، أو للشهرة ونحوها من الأمور الداخلية والخارجية ( واما دعوى ) ان المناط في الأقربية انما هو على أقربية الفتوى في نفسها مع قطع النظر عن الأمور الخارجية ولا شبهة في أقربية فتوى الأعلم من فتوى غيره ( فهي ) مع كونها ممنوعة لا تكون صغرى لتلك الكبرى العقلية ( إذ هي ) غير مختصة بالأقربية الحاصلة من نفس الفتوى ( واما الكبرى ) فبأنه لا دليل على اعتبار الأقربية بنظر العقل في الامارات التعبدية