ويكونان موصوفين بأين واحد بالعدد والأين ثان غير حقيقي ، كجسمين في الدار.
ونقل الشيخ عمّن تقدمه : «أنّ الواحد من الأين قد يوجد فيه جواهر كثيرة ، كعدة في السوق». ثمّ نسبه إلى الغلط.
ثمّ نقل عن بعض الأحداث جوابا هو : «أنّه ليس الأمر كذلك ، فإنّ الأين الحقيقي لا يوجد فيه هذا المعنى ؛ وأمّا الأين الغير الحقيقي ، كالكون في السوق فليس هو نفس السوق ، فإنّه وإن كان لا بدّ من أن يكون السوق مكانا ثابتا مشتركا فيه ، فليس الأين هو السوق ، بل كون زيد في السوق هو الأين ، وهو صفة لزيد بها زيد كائن في السوق ، وليس بها بعينها عمرو كائنا في السوق ، وإن كان السوق واحدا فنسبة زيد إليه ، من حيث هو زيد ، غير نسبة عمرو غيرية بالعدد ، وهذا كالبياض ، فإنّه وإن كان متحدا بالنوع لكنّه متكثر بالعدد.
ثمّ إنّ بعض المتحذلقين لم يرض بهذا الجواب ، وأعان المتقدم فقال : ليس حال الأين كحال البياض ، فإنّ البياض الذي في زيد إذا عدم ، لم يجب أن يعدم الذي في عمرو ، وأمّا السوق فيكون واحدا للجماعة وحسب أنّه عمل شيئا ، إذ أرانا أنّ السوق واحد ، فإن كان السوق هو الأين كان السوق كونا في المكان لا مكانا ما ، فكان الشيء إذا سئل عنه أين هو؟ يصلح أن يقال : سوق ، لا أن يقال : في السوق. فإن كان الأين هو كونه في السوق، فزيد يبطل عنه (١) كونه في السوق ، وإن لم يبطل كون عمرو في السوق ، فهو كالبياض أيضا» (٢).
الرابع : من الأين ما هو جنسي وهو الكون في المكان ؛ ومنه نوعي وهو الكون في الهواء ؛ ومنه شخصي ككون هذا الشخص في هذا الوقت في مكانه الحقيقي ، أو كون هذا الشيء في هذا الوقت في الهواء ، وهو مكان ثان (٣).
__________________
(١) في المصدر : «ببطلان» بعد «عنه».
(٢) و (٣) الفصل الخامس من المقالة السادسة من مقولات الشفاء ١ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠.