الخامس : قيل : لكلّ أين شخصي في مكان حقيقي ، علة هي صفة قائمة بالمتمكن.
وذلك باطل ؛ لأنّ تلك الصفة إن أمكن حصولها في المتمكن عند ما لا يكون المتمكن في المكان الحقيقي المعيّن ، لم تكن تلك الصفة علة لذلك الحصول الشخصي في ذلك المكان المعيّن ، لما ستعرف أنّ العلّة لا تنفك عن معلولها. وإن لم يمكن فحينئذ يتوقف حصول تلك الصفة في ذلك المتمكن على حصوله في ذلك المعين ، فلو توقف حصوله في ذلك المكان المعيّن على حصول تلك الصفة فيه ، دار.
السادس : الأين جنس لأنواع ؛ فإنّ الكون فوق أين ، والكون تحت أين ، والكون في الهواء أين ، والكون في الماء أين. ومنه نوع (١).
وفيه تضاد ، كما في غيره من المقولات فإنّ الكون الذي عند المحيط يقابل الكون في المكان الذي عند المركز ؛ لأنّهما أمران وجوديان لا يجتمعان و (٢) يتعاقبان على موضوع واحد وبينهما غاية الخلاف ، فوجد حدّ التضاد فيهما فكانا متضادين.
السابع : في كيفية قبوله للأشد والأضعف.
اعلم أنّ الأين لا يقبل الأشد والأضعف في جنسه ، لاستحالة أن يكون حصول الجسم في مكانه أشد (٣) من حصول جسم آخر في مكانه ؛ لأنّ مفهوم الحصول في المكان لا يقبل التفاوت ، بل قد يقبل الأشد في طبيعة نوعية ؛ لأنّ الأينين كليهما تجدهما فوقان ، وأحدهما أقرب إلى الحدّ الفوقاني الذي هو المحيط ، فهو أشدّ فوقية من الآخر. وعند هذا يظهر أنّ الأشد والأضعف لم يتطرق إلى نفس
__________________
(١) كذا الكلمتان ، وليستا في الشفاء.
(٢) في النسخ : «ولا» ، وما أثبتناه من الشفاء.
(٣) ق : «أشد وأضعف».