مخالف للوقفة التي يحتاج إليها (١) الآخر حتى يبقى السّمت الأوّل محفوظا ، والإنسان مع كمال فطنته لا يعلم ذلك ولا يقدر عليه ؛ فإنّ شخصين لو قصدا موضعا واحدا وأحدهما أقرب من ذلك الموضع وأرادا أن يبلغا إلى ذلك الموضع في وقت واحد فإنّه لا يعلم الأقرب منهما أنّه كم يجب أن يقف في حركته إلى ذلك الموضع حتى يكون وصوله إليه موافيا (٢) لوصول صاحبه.
وأمّا رابعا : فلأنّا نفرض هذه الحركة الدورية في الإنسان نفسه بأن يقف على عقبه ويدور دورة تامة على نفسه مع أنّه يعلم بالضرورة أنّ أجزاءه محفوظة لم تتفكك.
وهذا البرهان كما يدلّ على انقسام المسافة ، كذا يدل على انقسام الزمان ؛ فإنّ الدائرة العظمى لمّا قطعت قوسا فالصغرى قطعت أقلّ من ذلك القوس فتكون الدائرة الصغرى قاسمة للزمان والدائرة الكبرى تقطع مثل القوس الذي قطعته الدائرة الصغرى في زمان أقل من ذلك الزمان فتكون الدائرة العظمى قاسمة للزمان ، ولا تزال تتعاقب هذه القسمة تارة للصغر (٣) وتارة للعظم.
الرابع : الفرجار ذو الشعب الثلاث إذا قطعت الشعبة الخارجة منها جزءا فلا بدّ وأن تقطع الشعبة المتوسطة أقلّ من جزء على ما تقدم.
وهاتان الشبهتان واردتان أيضا على الفلاسفة ، فإنّ التفكك إنّما لزم بواسطة حركة بعض أجزاء الجسم مسافة وعدم حركة البعض الآخر بعض تلك المسافة ، وهذا ثابت هنا مع البطء كما هو ثابت مع السكون ، فلزمهم المحذور كما لزم المتكلّمين.
__________________
(١) ق : «إليه».
(٢) في المباحث المشرقية : «موافقا».
(٣) ق : «للصغرى».