الجهة إنّما حدثت بالفرض لا قبله ، كما إذا فرض خط في سطح ، فإنّ هذا الخط لم يكن موجودا قبل حدوث هذا الخط. وإن كان الاتصال الذي وجد فيه الآن هذا الخط قد كان موجودا قبل هذا الخط.
وهذا الإشكال إنّما جاء ، لأنّه ربما اشتبه الفرق بين قولنا : كان الاتصال الذي وجد الآن في هذه الجهة وبين قولنا : كان اتصالا في هذه الجهة. والفرق بينهما كالفرق بين قولنا : كان الإنسان الذي هو الآن أبيض قبل كونه أبيض وبين قولنا : كان الإنسان أبيض قبل أن صار أبيض. فإنّ الأوّل صادق بخلاف الثاني.
وبالجملة : لو كانت الاتصالات الخطية الممكنة الفرض في الجسم حاصلة متميزا بعضها عن البعض قبل الفرض ، حصل في الجسم ما لا يتناهى من الأجزاء فعلا (١). فالاتصالات البعدية موجودة في الجسم بالقوة.
لا يقال : إذا كانت الاتصالات البعدية موجودة بالقوة وكذا الانفصالات ، كان الجسم في اتصاله وانفصاله بالقوة ، وما بالقوة ليس بموجود ، فالجسم ليس بمتصل ولا منفصل بالفعل.
لأنّا نقول : الاتصالات الخطيّة موجودة بالقوة ، أمّا الاتصال بمعنى الصورة الجسمية فانّه موجود بالفعل.
فإذن الرسم الصحيح أن يقال : «الجسم هو : الذي يمكن أن تفرض فيه الأبعاد الثلاثة المتقاطعة على الزوايا القوائم». والجسم قد يخلو عن هذه الأبعاد ولا يخلو عن إمكانها.
والمراد بالإمكان هنا : العام ، ليندرج ما يجب فيه الأبعاد ، كالفلك
__________________
(١) وهو محال.