فيها خصصها بحيز معيّن.
سلمنا ، فلم لا يجوز أن يكون خطا أو سطحا أو جسما تعليميا وتكون لها هيولى مجرّدة عن المقدار ويكون الموجود حينئذ مقدارا حالا (١) في مادة ، وإن لم تكن هناك صورة جسمية؟
لا يقال : ذلك المقدار إنّما يعقل مع الامتداد والاتصال ، ولا نعني بالصورة الجسمية إلّا ذلك.
لأنّا نقول : لا نسلّم وجود امتداد واتصال مغاير للمقدار ، بل ذلك غير معقول ، إنّما المعقول هو المقدار الذي يعبّر عنه بالطول والعرض والعمق ، أمّا غيره فلا.
سلمنا ، فلم لا يجوز أن لا تكون ذات وضع ولا تلحقها الصورة البتة؟ وحينئذ لا يتم امتناع المنقسم الذي ذكرتموه من أنّها إمّا أن تحصل في كلّ الأحياز أو لا تحصل في شيء من الأحياز أو تحصل في البعض دون البعض.
لأنّا نقول : جاز أن تحصل في شيء من الأحياز ولا تلحقها الصورة دائما.
وهذا السؤال لا جواب عنه ، إلّا أنّ أفضل المحقّقين قال : «إنّ هذا يدل على أنّ الهيولى المجردة يمتنع أن تقترن بالصورة ، ولا يدل بالذات على امتناع تجرد الهيولى عن الصورة ، بل يدل على أنّ الهيولى المجردة غير مقترنة بالصورة أبدا ، وينعكس عكس النقيض إلى أنّ الهيولى المقترنة بالصورة لا يمكن أن تكون مجردة أصلا ، وهيولى العناصر والأفلاك هي المقترنة بالصورة ، فهي لا تتجرد عن الصورة الجسمية» (٢).
__________________
(١) في النسخ : «مقدار حال» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٢) شرح الإشارات ٢ : ١٠٠.