المسألة الأولى :
في عصمة الامام وينبغي أوّلا بيان معنى العصمة ، فقد اختلف فيها المتكلمون بعد الاتّفاق على انها في اللغة المنع ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١) وقوله تعالى (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (٢) فذكر اصحابنا انّ العصمة لطف خفي يفعله الله تعالى بالمكلّف بحيث لا يكون له داع الى ترك الطّاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك ، وفسّرها بانها الأمر الّذي يفعله الله من الالطاف المقربة الى الطّاعات الّتي يعلم معها انّه لا يقدم على المعصية بشرط لا ينتهي ذلك الأمر الى الإلجاء ، وفسّرها بعض آخر بانّها ملكة نفسانية لا تصدر عن صاحبها المعاصي ، وكلّ هؤلاء متّفقون على ان العصمة لا يشترط فيها سلب القدرة على المعصية ، وذهب قوم الى اشتراط سلب القدرة على المعصية في العصمة ، ثم اختلفوا في معناها فقال قوم : انّ المعصوم مختصّ في بدنه وفي نفسه بامر يقتضي امتناع اقدامه على المعصية فالعصمة على هذا هي ذلك الأمر المذكور ، وقال بعض : انّ العصمة هي القدرة على الطّاعة وعدم القدرة على المعصية ، وهو قول ابي
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) هود : ٤٣.