الجميع فتكون الامامة باصطفاء الله كالنبوة ، اذ لا تخصيص في الآية بالنبوة وإذا كانت الإمامة باصطفاء الله بطل أن تكون ثابتة باختيار الناس.
ومنها قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (١) والملك العظيم هو الامامة ، وهو حاصل بإيتاء الله وإذا كانت الامامة لا تكون الا بإيتاء الله بطل ان تكون باختيار من الناس وثبت من مدلول هذه الآيات الظاهرات توقف الامامة على النص وعدم صحتها بالاختيار ، ولعمري ان الاحتجاج بها على المطلب كاف لاولى الانظار المجانبين لطريق الاستكبار والله الهادي.
الخامس ان الامامة خلافة الله في ارضه لا ينكر ذلك احد من اهل العلم والمعرفة وقد صرح بذلك الخلفاء حتى الّذين كانت خلافتهم بالاختيار فكانوا يسمون انفسهم خلفاء الله كما لا يخفى على من قرء السير والاخبار والتواريخ والآثار ، وما زال الناس من ذوي الفضل يقولون في الامامة انها خلافة الله في (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢) وقال تعالى : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) (٣) وقال تعالى : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (٤) ومن المعلوم الذي لا يشك فيه احد عاقل ان خلافة الله لا تنال الا من قبله ولا تثبت لاحد الا بنصبه ونصه ولا تعلم الا من قوله لا من قول الناس ، وانت خبير بان خلافة احد من البشر فيما له
__________________
(١) سورة النساء : ٥٤.
(٢) سورة البقرة : ٣٠.
(٣) سورة ص : ٢٦.
(٤) الأعراف : ١٤٢.