بعد هذا (١) وهو صريح في اخبار النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لهما بانهما يخالفان نصه ، ولا يطيعان من يستخلفه ، وسكوتهما من دون ان يعتذرا للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) او يعطياه من العهود بالطاعة فيمن يستخلفه عليهم ما يحصل الوثوق ظاهرا بمثله شاهد صدق على ان ما نسبه النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إليهما والى امثالهما من التفرق عن خليفته كان ذلك الوقت مضمرا في قلوبهما ، وكانا قد عرفا اشارة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الى ما اضمراه من مخالفة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ان استخلف عليا ، وقد فهما الى من يشير النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بالاستخلاف فسكتا على ما اضمرا ، فأي شاهد عدل من هذا يراد منا على هذه الدعوى؟
ومما اختص به ابو بكر في مخالفة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وكان عمر له تابعا اخذه فدك من فاطمة (عليهالسلام) لروايته التي خالفها بتركه ما ترك رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عند علي (عليهالسلام) كالسيف والدرع والبغلة والعمامة وشبه ذلك وترك حجرات النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عند ازواجه (عليهالسلام) وتوضيح ذلك ان فدك كانت من الأنفال كما صح عند خصومنا رواه ابن ابي الحديد عن الطبري وغيره (٢) وليست فيئا للمسلمين وان فاطمة (عليهالسلام) اتت تطلبها بالميراث من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بادئ بدء فمنعها ابو بكر وروى انه قد سمع رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يقول : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) (٣) وانه بعد ذلك ترك
__________________
(١) من محاورة جرت بين عائشة وأمّ سلمة وقد تقدم بعضها.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢١٠ فما بعدها وقد اشبع القول في هذه المسألة تفصيلا من جميع وجوهها.
(٣) صحيح البخاري ٥ / ٨٤ كتاب المغازي باب غروة خيبر ، وصحيح مسلم ٥ / ١٥٣