ان يراد منه امام المذهب مطلقا ـ كما انّه ربما يقول به متعصّب من القوم المخالفين لوجوه.
الاوّل : ان المتبادر من لفظ الامام في المقام ـ بل اذا اطلق مطلق ـ الرئيس العام المنصوب من قبل الملك العلام لا فقيه قلّده في فتاواه جملة من الرّعاع وحثالة من النّاس والتبادر أمارة الحقيقة.
الثّاني : انّ تسمية الفقيه الذي قلّده قوم على ما ذكرناه بالامام انّما هو شيء طار من متأخري مخالفينا واصطلاح جديد منهم ولم يكن معروفا في القديم ولا يعرفه الصّحابة ولا التّابعون ولا من بعدهم بطبقات متعددة وانّما يعرفون من الامام الرئيس العام ، فيلزم ان جعلنا لفظ الامام في الخبر واقعا على فقيه مقلّد لقوم ان يكون النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) خاطب اصحابه بما لا يعرفونه وكلفهم بما لا يفهمونه وذلك غير جائز.
الثالث : انّ الامام في الخبر لو كان كما يظنّ من انه الفقيه المذكور لوجب ان يكون الناس قبل اختراع المذاهب الاربعة ماتوا على الكفر حتى الأئمّة الاربعة لانّهم ماتوا ولم يعرفوا انّهم بالمنزلة الّتي جعلها لهم اكثر العامة ولا دخل في خلدهم ذلك ولا ظنّوا انهم يكونون ائمة لا يجوز مخالفتهم وقتا ما ، ويكون الصّحابة ومن بعدهم ماتوا كفّارا لأنّهم لم يعرفوا ان ائمة المذاهب يكونون فلانا وفلانا الى آخرهم ، وهذا ما لا يقول به مميّز ولا المراد السّلطان المتغلّب الجائر كما ذكره بعض العامّة اذ لا تجوز ولايته ولا الركون إليه بنصّ القرآن في قوله تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (١) فكيف يكفر من مات جاهلا به وغير معتقد إمامته ، وهذا لا يرتاب فيه ذو فهم ولقد رووا عن امامهم ابي حنيفة انّه قال : «لو دعاني اللص
__________________
(١) هود : ١٣.