باجتهادهم ، لكن الاجتهاد في مقابلة النص في جميع الأمور غير مقبول ، لكن الأشعري المذكور يقبله منهم في كل الأمور فلتكن الامامة من جملتها فلا حاجة له الى الاعتذار عنهم بانكار النص الواضح وتكلف الدليل عليه وهو يكفيه ان ينسبه الى الاجتهاد كغيره.
ثم اعلم ان صريح كلام القوشجي انه وحزبه جعلوا النبي كواحد من المجتهدين فجوزوا لعمر مخالفته بالاجتهاد فاسقطوا بذلك وجوب اتباع النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ولزوم طاعته ، فكأنهم نسوا آيات الكتاب الناصة على المنع من مخالفته كقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١) وقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢) وقوله تعالى : (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣) والآيات الدالة نصا على ان حكمه هو حكم الله ، وانه معصوم عن الحكم بالنظر والاجتهاد مثل قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٤) وقوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٥) وقوله تعالى : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) من ربي (٦) وغير ذلك من الآيات الدالة على كفر مخالفه وسلوكه طريق الضلال وانه لا
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) النور : ٦٣.
(٣) الأحزاب : ٣٦.
(٤) النجم : ٣.
(٥) الحاقة : ٤٥ و ٤٦.
(٦) الأعراف : ١٠٣.