للمناقضة فيكون فاسدا ولو صح هذا ومثله لما قال ابو بكر «وليتكم ولست بخيركم» (١) والقول بانه اراد كسر نفسه باطل لأن الأفضلية حكم من الأحكام لا يجوز اخفاؤه ، ونعمة من نعم الله يجب اظهارها ولا يجوز الأخبار بضد الحكم وكتمان نعمة الله ، ولهذا قال النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (انا سيد المرسلين ولا فخر) ، وقال علي (عليهالسلام) على المنبر : (انا الصديق الأكبر وانا الفاروق الأعظم ، آمنت قبل ايمان ابي بكر) (٢) وأيضا ان المقام مقام اظهار الحجة لأنه اذ ذاك في مخاصمة الأنصار ومخاصمة علي (عليهالسلام) في امر الخلافة وطلبه منه ومن اصحابه البيعة له فلا موضع لكسر النفس وهضمها في ذلك الوقت وهو يطلب طاعة الأشراف لها واتباع اولى الفضل اياها ، هذا لو سلمنا عدم قبح اخفاء الحق لهضم النفس مطلقا فكيف ودون تسليمه الأقوال البليغة ومن جملته بل زبدته ما اشرنا إليه في اوّل هذا الكلام ، بل ان الشيخ لم يعلم بهذا الحديث الجديد ولا سمعته اذناه ولا احد من الصحابة في وقته ، ولا علم انه افضل الصحابة عند انفسهم ولذا لم يجيبوه ولا واحد منهم بانك خيرنا ، بل مبلغ علمه انه عند نفسه وعند الناس من جملة الصحابة فاخبر عن نفسه بما هو عليه ، وانما حدث له التفضيل العام فيما بعد من اعداء اهل بيت النبوة كما اوضحناه في اوّل الأجوبة على هذه الأخبار ثم اين عمر عن هذا الحديث حين ذهب في السقيفة يحتج لأبي بكر بصحبته النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الغار
__________________
(١) قال ذلك بعد ان بويع بالخلافة (انظر شرح نهج البلاغة ١ / ١٦٩.
(٢) اخرج الطبراني ـ كما في كنز العمال ٦ / ١٥٦ وفيض القدير ٤ / ٣٥٨ ـ عن سلمان وابي ذر : اخذ رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بيد علي فقال : (هذا اوّل من آمن بي) الى ان قال : (وهذا الصديق الأكبر ، وهذا الفاروق الأعظم) وكان علي (عليهالسلام) ـ كما في خصائص النسائي ص ٤٦ وغيره ـ كثيرا ما يقول : (انا الصديق الأكبر).