فاذا تقرر ذلك وانتقش معناه في صحيفة قلبك فاعلم انه قد ورد عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) النصّ على امير المؤمنين بالامامة بالفعل والقول بتلك الألفاظ وما أدّى معناها وغيرها مما يدركه المتتبع لكتب الأخبار وكتب الاستدلال في الامامة ، فالفعل الصريح في النص.
منه : أخذ النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) سورة براءة من أبي بكر وعزله عنها بعد أن بعثة بها ليقرأها في الموسم وينفذ حكمها نيابة عن الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وبعثه عليّا (عليهالسلام) بها لذلك مع قوله لأبي بكر لما سأله انزل في شيء قال : (لا ، لكن لا يبلغ الا أنا أو رجل مني) (١) والقضية معلومة لا شك فيها عند الأمة وهي كما كانت دالة على إمامة علي (عليهالسلام) لأنه المبلغ عن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الى الأمة كذلك هي دالة على نفي صلاحية غيره للامامة لأنها ناصة على انه لا يصلح ان يبلغ عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعض آيات من سورة
__________________
(١) اجمال القصة براءة ان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعث أبا بكر (رضي الله عنه) ببراءة وأمره ان ينادي في الموسم ان لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عهد فهو الى مدته ومن لم يكن له عهد فمدته أربعة أشهر والله بريء من المشركين ورسوله ، وكتب له بهذه الولاية كتابا فبينما أبو بكر (رضي الله عنه) ببعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله القصوى فخرج أبو بكر فزعا ـ كما في رواية الترمذي ـ فظن انه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فإذا هو علي (عليهالسلام) فبلغه أن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعثه ليأخذ منه براءة ويقوم هو بتبليغها ، فوجد أبو بكر في نفسه فلما رجع الى المدينة بكى وقال : يا رسول الله ـ بأبي انت وامي ـ نزل فيّ شيء؟ قال : «لا ، ولكن جبرائيل جاءني فقال : (لا يؤدي عنك الا انت أو رجل منك) كذا في رواية الامام احمد ، وانظر تفسير الطبري ١٠ / ٤٦ و ٤٧ ومستدرك الحاكم ٣ / ٥١ وسنن الترمذي ٢ / ١٨٣ ومسند أحمد ١ / ٣ و ١٥١ و ٣٣٠ وتفسير ابن كثير ٢ / ٣٣٣.