بحفظ المؤمن وحقن دمه اشد من عنايته بقتل الكافر ، ولذا كف الله ايدي المسلمين من اصحاب النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عن قتال اهل مكة ، وامره بالصلح لوجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات قد اخفوا ايمانهم فلم يتميزوا من الكفار ، فلو كان ثم قتال لقتلوا وأصاب السبي النساء ، فكان لآية المؤمنين والمؤمنات عن القتل والسبي اثر عند الله تعالى من قتل الكافرين ، وسبى الكفارات فقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) الى قوله : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١) ـ واذا جاز للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ترك قتال الكفار لحفظ دم بعض المؤمنين ، وصيانة بعض المؤمنات عن السبي ، فاولي بان يجوز لعلي (عليهالسلام) ترك القتال لخروج تلك الذرية المؤمنين من اصلابهم ، وهكذا لم تزل افعاله (عليهالسلام) تابعة لأفعال رسول الله في كل الأحوال ، وهذا بحمد الله ظاهر بيّن ، فزال بهذه الوجوه الأشكال وسقط السؤال ، وذهب الأعضال ، وتبين صدق مقالنا وحقيه مذهبنا ، وسلامة طريقتنا من التعسف والميل عن الصواب ، والانحراف عن الصراط ، وذلك بنعمة الله وفضله.
فائدة مهمة في بيان بطلان دعوى القوم ان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) امر أبا بكر بالصلاة وذلك من ثلاث جهات.
الأولى ما اشرنا إليه في مطاوي هذا الكتاب من انكار امير المؤمنين ذلك ونسبته صدور الأمر بالصلاة الى عائشة من تلقاء نفسها من غير رضا من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وقد روى الخصم (٢) عن جملة من اصحابه ذلك
__________________
(١) الفتح ٢٥.
(٢) يعني بالخصم ابن ابي الحديد والرواية ذكرها في شرح نهج البلاغة ٩ / ١٩٧ و ١٦٨ في