وقيل لعليّ بن الحسين مع انه سيد العابدين : اين عبادتك من عبادة جدك ، فقال : (عبادتي عند عبادة جدي كعبادة جدي عند عبادة رسول الله (عليهالسلام)
وأما انه احفظ الصحابة للقرآن فلما صح أنه (عليهالسلام) كان يحفظه على عهد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ولم يكن غيره يحفظه ، ثم هو اوّل من جمعه ولم يحتج الى ما عند احد غيره منه في جمعه كما احتاج الى ذلك ابو بكر وعمر لما ارادا جمع القرآن فنادى مناديهما : من كان عنده شيء من القرآن فليأت به ، فدل على أنهما لم يعرفا من القرآن إلا يسيرا ، وهذا كله صحيح عند الخصوم ، وكان اكثر القراء كأبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود وغيرهما يسندون قراءتهم إليه لأنهم تلامذة ابي عبد الرحمن السلمي وهو تلميذ امير المؤمنين ، وعبد الله بن العباس رئيس المفسرين ، وعنه يأخذون والى قوله يستندون ، وهو تلميذ امير المؤمنين (عليهالسلام) وما زال منقطعا إليه وعنه اخذ ومنه تعلم (١).
واما انه افصح الناس لسانا فيدل عليه خطبه ومواعظه ورسائله ، وما اشتملت عليه من المطالب العالية ، وعلوم التوحيد وكيفية السلوك ، والأخبار عن احوال العالم العلوي وصفاته ، وكيفية إنشاء الخلائق علويها وسفليها وجسمانيها وروحانيها ماديها ومجردها مما لم يجر لاحد من الناس شبهه عشر العشر ، بل لا يعلم احد من الصحابة شيئا منه ، ولا يعرفون ما هو ولا يحسنون التعبير عنه ، وكل ذلك اورده في كلام عال لم يوازنه كلام احد من البشر بعد كلام رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وشرح فيه احوال الدنيا والآخرة بعبارات تحير عقول البلغاء في حسن نظمها ولطافة سبكها ، ولم
__________________
(١) انظر المصدر السابق ١ / ٢٧.