بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الغني لذاته ، والمتوحد بصفاته ، والمتفرد في افعاله الذي لم يشاركه احد في صنع مخلوقاته ، ولم يوازره وزير في إنشاء برياته ، الذي لم يخلق الخلق عبثا ، ولا فطر السموات والأرض وما بينهما باطلا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (١) الذي لم يكلف عباده شططا ، ولم يتركهم سدى ، ولم يعذب أحدا من خلقه حتى يبعث إليهم رسلا يدلونهم على طريق الهدى ويصدّونهم عن سبيل الرّدى تقوم له بهم على العباد الحجة ، وتستبين بهم المحجة لئلا تكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، والصلاة والسلام على من ختمت به النبوة وكملت به الرسالة ووضحت به الدلالة ، وقامت به الحجة وتمت به النعمة واجتمعت به الكلمة وحصلت به الالفة ، وائتلفت به القلوب المختلفة ، وانتظمت به أمور الناس بعد المباينة والفرقة ، واتفقت به الاهواء المتشتتة ، والآراء المتشعّبة ، ولم الله به الشعث وشعب به الصدع ، وآمن به السبل ، وصدّق به الرّسل ، وفضله على جميع من خلق ونسخ بشرعه أديان من سبق وانزل عليه قرآنا مجيدا وفرقانا حميدا ، اقام به الأود (٢) وهدى به الى الرشد وسوى به العوج ، وفك به من الرنج (٣) امام المتقين
__________________
(١) سورة ص : ٧.
(٢) الأود ـ بالتحريك ـ : الاعوجاج.
(٣) العوج ـ بكسر ففتح ـ : الالتواء وعدم الاستقامة ، والرتج ـ بالتحريك ـ : المغلق.