رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة صرام للامور نافذ البصيرة عارف بانواع المصالح والمفاسد ، او يقدم في الامانة رجلا غير تام الوثاق ولا مستكمل الديانة على رجل آخر معروف بالعفاف والامانة وكمال الديانة مقطوع بصلاحه مشهورة ثقته الى غير ذلك من الاوصاف المتقابلة التي لا يرتاب عاقل غير معاند ولا مكابر في استقباح تقديم القاصر فيها على الكامل؟!! ولكن القوم (١) خالفوا عقولهم وناقضوا احلامهم فسفهوها بقبح اقوالهم وكل ذلك إرادة منهم لتصحيح إمامة القاصرين من المتقدمين ، وقد بان مما حررناه بطلان ما اثبتوه والله المستعان.
المسألة الثالثة (٢) يشترط في الامام ان يكون قريبا من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في النسب بل يجب ان يكون اقرب الناس إليه اما القرابة في الجملة فظاهر الصحابة والتابعين بل جميع المسلمين عليها ، ولذا احتج بها ابو بكر وصاحباه في السقيفة على الانصار عند رومهم مبايعة سعد بن عبادة ، وروى لهم عمر عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (ان الأئمة من قريش (٣)) واحتج لقريش على الانصار جماعة منهم فانصرفوا بها عن مبايعة سعد واحتج امير المؤمنين (عليهالسلام) بها على ابي بكر واصحابه في استحقاق
__________________
(١) يريد بالقوم ابن ابي الحديد وأصحابه المعتزلة ولا يريد المصنف بهذا الكلام الا تفنيد ما يذهبون إليه من جواز تقديم المفضول على الأفضل.
(٢) من المسائل في شروط الامام.
(٣) حديث (الأئمة من قريش) رواه جماعة رووا أن أبا بكر (رضي الله عليه) احتج به على الأنصار ولكن الجمع بين ذلك وبين قوله الذي رواه الطبري في التاريخ ٤ / ٢١٤ حوادث سنة ١٣ وغيره في جملة مسائله التي ودّ لو سأل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عنها : «ليتني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر حق» يوقع الباحث في حيرة خصوصا بعد المقارنة بين ذلك وبين قول عمر (رضي الله عنه) أيضا «لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته» ومعلوم أن سالما ليس بقرشي.