انه قد ختم رسله وانبيائه بمحمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) سلمنا ذلك وايقنا انه لا رسول بعده وانه لا بد لنا ممن يقوم مقامه وتلزمنا حجة الله عزوجل به» ـ الى ان قال ـ : «فالرسل والأنبياء والأوصياء لم تخل الأرض منهم وقد كانت لهم فترات من خوف واسباب لا يظهرون فيها دعوة ولا يبدون امرهم الا لمن أمنوه حتى بعث الله محمدا (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فكان آخر اوصياء عيسى (عليهالسلام) رجلا يقال له ابي ويالط ـ وروى في ذلك اخبارا جمة» ـ الى اخر ما قال .. (١) ولنقتصر مع ما ذكرناه في صدر الاستدلال في هذا الوجه على كلامه فقد بلغ منه المرام فجزاه الله خيرا عن المسلمين والاسلام.
الثّاني : (٢) انّ الحجّة لا تقوم لله تعالى على خلقه بدون مرشد مأمون يبيّن للنّاس أمر الدّين وتزاح به علة المكلفين ويهدي العباد الى طريق الصّواب ويرفع عنهم الاختلاف والحيرة ويؤيده قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٣) الدّال على ان كلّ قوم لا بدّ لهم من هاد يهديهم الى سبل الحق واعلم ان مبنى هذا الدّليل على خمس مقدّمات.
الاولى : انّ الله سبحانه وتعالى في كلّ واقعة حكما معينا لا يختلف باختلاف المجتهدين ويدل على هذه المقدّمة آيات كثيرة مثل قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٤) وقوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (٥) وقوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي
__________________
(١) إكمال الدين وتمام النعمة ص ٦١٦.
(٢) أي الثاني من الأدلة على أن نصب الامام لطف.
(٣) الرعد : ٧.
(٤) الحجر : ٢١.
(٥) يس : ١٢.