مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (١) وقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٢) (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) (٣) وقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤) وأيّ حرج اعظم من تكليف الانسان بما لا يعلمه ولا دليل له عليه فيكون منفيّا بعموم الآية؟ ، والآيات الدّالة على هذا المعنى بالصّريح غير ما ذكرناه كثيرة لا نطيل بذكرها القول ، ومن السنّة قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) المستفيض (لا ضرر ولا ضرار في الدّين) وتكليف الانسان بما لا يعلم ضرر عليه ظاهر ، وكثير من السنّة صريح في المعنى مما لا حاجة الى ذكره ، ولا يخفى على الفطن الخبير على ان ذلك هو المعروف من سيرة النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فانّه ما قاتل احدا من المشركين الا بعد الانذار والاعذار إليه واقامة الحجة ان طلبها منه ، وهذه كانت سيرة امير المؤمنين (عليهالسلام) وبالجملة فالأمر في هذا واضح ومنكر ذلك مكابر لا يلتفت إليه لأنه قائل بوقوع المحال وهو محال واولئك بعض حشوية العامّة وبعض اهل الضّلال النّاسبين الى الله تعالى القبيح قبّحهم الله واعمى بصائرهم واعاذنا من مقالتهم.
المقدّمة الخامسة
انّه لا طريق الى معرفة الحكم المعيّن عند الله في الواقعة الّا من بيان خليفة الرّسول (صلوات الله عليه) ، والدّليل على ذلك ان نصوص الكتاب والسّنة لا تفي الا بيسير من الاحكام الشرعية ، وظواهرهما لا تفيد اليقين
__________________
(١) طه : ١٣٤.
(٢) البقرة : ٢٨٦.
(٣) الطلاق : ٧.
(٤) الحج : ٧٨.