عقل ، وقد رجع إليه الصحابة في كثير من المسائل بعد غلطهم ، واحتاجوا الى بيانه ولم يحتج هو في شيء من الأحكام الى احد من الناس ، واعترف اكابر الصحابة له بالأعلمية وقال عبد الله بن العباس لما سئل : اين علمك من علم ابن عمك علي (عليهالسلام)؟ قال : كالقطرة في المثعنجر يعني البحر المحيط (١) وقال عبد الله بن مسعود ما معناه ان من اراد علم القرآن كما انزله الله فعليه بعلي بن أبي طالب ، وقال عمر غير مرة : «لو لا علي لهلك عمر» وقال : «لا بقيت لمعضلة ليس لها ابو الحسن» (٢). حتى ان كل فرقة من اهل العلم لتنتمي إليه ، وكل ذي طريقة ليتجاذبه وينتهي إليه ، فقه كل فقيه وعلم كل عالم ، ويكفي في ذلك ما صح في الروايات عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من أنه اعلم الناس فلا شك انه اعلم الصحابة في جميع العلوم فيكون افضلهم لقول الله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٣). وقال : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٤).
وأما انه احلمهم : فهو كضوء النهار حتى بلغ من حلمه انه ترك عبد الرحمن بن ملجم في دياره ويعطيه العطاء مع علمه به وقوله فيه مرارا (انه
__________________
(١) كلمة ابن عباس نقلها السيد زيني دحلان في الفتوحات الاسلامية ٢ / ٣٣٧ هكذا : «ما علمي وعلم اصحاب عهد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في علم علي رضي الله عنه إلا كقطرة في سبعة ابحر».
(٢) الكلمتان مشهورتان بل متواترتان عن عمر (رضي الله عنه) رواهما غير واحد من العلماء منهم ابو عمر في الاستيعاب ٣ / ٣٩ والمحب في الرياض ٢ / ١٩٤ وابن طلحة الشافعي في مطالب السؤال ص ١٢ وابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٣٥٩ وو الخ ..
(٣) الزمر : ٩.
(٤) فاطر : ٢٨.