ما ذكرنا يجب ان يكون الامام ازهد اهل زمانه واورعهم واتقاهم واكثرهم على المندوبات مواظبة وللمكروهات الشرعيّة اجتنابا ليكون اعبد النّاس وابعدهم عن همز هامز ولمز لامز.
واما اشتراط كونه احلم الناس فللعلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه لنبيه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (١) وإذا كانت الغلظة في النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وهو صاحب الشريعة موجبة لانفضاض الناس عنه فهم الى الانفضاض عن الامام بها اقرب ، ولانه لو كان في الرعية من هو احلم من الإمام لكان عند الناس اكمل وكانت القلوب إليه اميل والإمام احق بهذه المرتبة فوجب ان يكون احلم من رعيته ليعظم قدره في النفوس وتأتلف له القلوب ، ومن هنا يجب ان يكون خاليا من العجلة والطيش والتضجر والتبرم في مقام الحكم والفتوى وقسمة الفيء والاموال ، متأنيا في الامر وفيما يردّ عليه من الوقائع والحوادث ومحاورة الخصوم لأنه الحاكم بين المسلمين والقاسم لفيئهم واموالهم من الصدقات والغنائم وغير ذلك من الحقوق وليتمكن سائله من طلب التفهم والخصم عنده من بيان حجته والشاهد من ان يتتعتع في شهادته الى غير ذلك من المصالح التي يتوقف عليها حصول ميزان العدل والانصاف الذي يقوم به الامام.
واما اشتراط كونه اشجع فلأنّ الإمام الفئة التي يرجع إليها المسلمون في القتال فإذا لم يكن اثبت منهم قلبا وأمضى منهم في جهاد العدو فاذا ما حاد كما يحيدون (٢) وفر كما يفرون فلأي فئة حينئذ يرجعون ، ومن هذا يشترط أن يكون الإمام أقوى اهل زمانه في امر الله تعالى لأنه المتولى لانفاذ الاحكام
__________________
(١) آل عمران : ١٥٩.
(٢) حاد : انحرف.