وتصرفه لطف آخر وعدم حصول الثاني لمانع لا يقتضي عدم الأول ، وهنا وجه آخر وهو ان نقول ان الفائدة في نصب الامام مطلقا قيام حجة الله به على المكلفين بحيث لا يستطيع المكلف العاصي ان يقول لم اجد من يرشدني الى الحق ، فانه يقال لهم عن الله اني نصبت لكم من يرشدكم الى سبيلي ، ويوضح لكم ما اختلفتم فيه من ديني ، فلم عصيتموه واخفتموه؟ ولم لا اطعتم امره وقبلتم قوله ووازرتموه؟ فلا تكون لهم على الله حجة وقد نصب لهم منهم من يهديهم الى مراشدهم وازاح علّتهم بتعيين من يدلهم على سبيل مراضيه ، بل تكون لله عليهم الحجة البالغة والى هذا يشير قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) (١) ويصرح به قول امير المؤمنين (عليهالسلام) (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة) الى قوله : (لئلا تبطل حجج الله وبيناته) (٢) وهذه كما ترى فائدة عظيمة فاندفع الايراد وزالت الشبهة وظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون.
ولنذكر جملة من الأحاديث الواردة في حق الخلف المنتظر عجل الله فرجه من طرق الخصوم زيادة على ما مضى.
اخرج الطبراني عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (المهدي منا يختم الدين به كما فتح بنا).
واخرج احمد ومسلم عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (يكون في آخر الزمان خليفة يحثوا المال حثوا) (٣).
واخرج الطبراني مرفوعا إليه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (يلتفت المهدي وقد نزل عيسى (عليهالسلام) كأنما يقطر من شعره الماء فيقول
__________________
(١) الأنعام ١٤٩.
(٢) نهج البلاغة من الحكمة ١٤٧.
(٣) صحيح مسلم ٦ / ٣ كتاب الفتن من عدة طرق.