فقلت في نفسي : والله لا يسبقني بها فقلت : يا امير المؤمنين فاردد إليه ظلامته ، فانتزع يده من يدي ومضى (١) يهمهم ساعة ثم وقف ، فلحقته فقال : يا بن عباس ما اظنهم منعهم [من صاحبك] (٢) الا انه استصغره قومه ، فقلت في نفسي هذه شر من الأولى ، فقلت : والله ما استصغره الله ورسوله إذ ان يأخذ براءة من صاحبك (٣) ، فاعرض عني واسرع فرجعت عنه (٤)
قلت : فما ادري ما يصنع ابن ابي الحديد بهذا الاعتراف ، ثم انظر الى عذر عمر الذي اخذه من ابي عبيدة بانه استصغره قومه ، وهل في صغر السن من نقص اذا كان العقل كاملا وقد قال الله تعالى في يحيى : (وآتيناه الحكم صبيا) (٥) وقال حكاية عن عيسى (عليهالسلام) وهو في المهد (انى عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا) (٦) فلم يكن الصغر فيهما مانعا من الكمال ، ولذا ولياه على تبليغ براءة وائتمناه عليها وعزل ابي بكر من تبليغها ولم يكن كبر السن نافعا ، ولا صغره مانعا ولله در ابن عباس ما اوضح حجته ، واقوى برهانه!! ومنها ما رواه عن عبد الله بن عمر قال : كنت عند أبي وعنده نفر من الناس فجرى ذكر الشعر فقال : من اشعر العرب فقالوا فلان وفلان فطلع ابن عباس فقال عمر قد جاء الخبير ، من أشعر العرب يا عبد الله؟ قال : زهير بن أبي سلمى ، قال : فانشدني ما تستجيده له ، فقال : يا امير
__________________
(١) وفيه «وقريهمهم».
(٢) ما بين المعوقين ساقط من المتن.
(٣) في الشرح «من ابي بكر».
(٤) شرح نهج البلاغة ٦ / ٥٤ وليس في الشرح «فاعرض عني واسرع فرجعت عنه» ولا شك انها ساقطة من المطبوعة.
(٥) مريم : ١٢.
(٦) مريم : ٢٩.