دنيويا ، أما الانصار فسارعوا الى ذلك خوفا من أن تلي الخلافة قريش فيأخذوا منهم ثار من قتله الانصار من رجال قريش في حروب النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وأما الثلاثة المذكورين فبادروا الى ذلك خوفا من خروج الأمر من ايديهم وولاية الأنصار عليهم ، ولم يكن احد الفريقين طلب بما اراد امرا دينيا ولا وجها شرعيا كما ادعاه في الحجة ، وقد روى ما ذكرناه جميع من روى اخبار الصحابة كأبي بكر الجوهري (١) ومحمد بن جرير الطبري (٢) ويحيى بن جابر البلاذري (٣) وغيرهم من رجال العامة وثقاة محدثيهم وها نحن نذكر بعض ما رواه مما يصرح بما قلناه وينطق بما إليهم نسبناه ، قال ابو بكر الجوهري : اخبرنا احمد بن اسحاق بن صالح ، قال : حدثنا عبد الله بن عمر عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال : لما توفي النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) اجتمعت الأنصار الى سعد بن عبادة فاتاهم ابو بكر وعمر وابو عبيدة فقال الحباب بن المنذر : منا امير ومنكم امير والله ما ننفس هذا الأمر عليكم ايها الرهط ولكنا نخاف ان يليه بعدكم من
__________________
(١) ابو بكر الجوهري احمد بن عبد العزيز عالم محدث له كتاب «السقيفة» ينقل عنه ابن ابي الحديد كثيرا في «شرح نهج البلاغة».
(٢) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب «التفسير الكبير» والتاريخ الشهير وغيرهما من الكتب مثل كتاب «الولاية» الذي جمع فيه طرق (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) حتى اندهش الذهبي لما اطلع عليه لكثرة طرقه ، كما له طرق حديث الطير توفي سنة ٣١٠ ودفن ليلا لغضب الحنابلة عليه لأنه لم يذكر الامام احمد بن حنبل في اختلاف الفقهاء وكان يقول : «لم يكن أحمد فقيها وانما كان محدّثا» وقد قسمت أوراق مؤلفاته على أيام عمره منذ بلغ الحلم فلحق كل يوم اربع عشرة ورقة.
(٣) يحيى بن جابر البلاذري أبو جعفر كاتب شاعر مترجم له من الكتب «فتوح البلدان» و «انساب الأشراف» وهو احد النقلة من الفارسية الى العربية كان مقربا عند المتوكل والمستعين والمعتز توفي سنة ٢٧٦.