منّا : (من مات وليس له امام ...) الى آخره وذكر بهاء الدين الشيخ الجليل محمّد بن حسين بن عبد الصمد العاملي في شرح الاربعين لفظ الحديثين هكذا (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليّة) (١) مشعرا بالاتفاق عليه وعلى كلّ حال فالخبر دالّ على انّه في كلّ زمان امام تجب معرفته على المكلّفين ولا يجوز لاحد جهله وانّ من مات من المسلمين ولم يأتم به مات ميتة كفر ولم ينفعه اسلامه ولا ما عمله من افعال الخير ، ولما قلناه طرق عبد الله بن عمر بن الخطاب على الحجّاج بابه ليلا ليبايعه لعبد الملك بن مروان فقال الحجّاج لحاجبه : قل له يأتي الصّبح فابى ان ينصرف قبل المبايعة وذكر الحديث (٢) مستدلا به وانّه خاف ان يطرقه الموت في تلك الليلة فيموت ولا امام له كما رواه العامة من امره وفعله ولا يجوز ان يكون المراد بالامام في الحديث المذكور القرآن كما زعم بعض اهل الخلاف لوجوه.
الاوّل : انّ القرآن لا يجهله احد من المسلمين ولا يزعم مخالفته احد ، والامام المذكور في الخبر ممّا تقع عليه الخفية وتعرض للنّاس فيه الجهالة ، وانّهم يكونون بين عارف به وجاهل ومؤمن به وتارك فيكون غير القرآن.
الثاني : ان الامام المذكور في الخبر ممّا يتغير بتغير الازمنة وتغيّر المكلّفين ولو لم يكن كذلك لم يعرض للنّاس عدم معرفته فيموت منهم من ليس عارفا به ولا معتقدا إمامته والقرآن لا يتغير بتغيّر الزمان فيكون الامام المذكور غير القرآن.
الثالث : انّ لفظ الامام ظاهر في شخص انساني له رتبة الامامة لأنه هو المتبادر منه عند الاطلاق ويرشد إليه ان الامام في الخبر لو كان المراد به القرآن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٤٢ عن نقض العثمانية.
(٢) نفس المصدر :