لكان المراد اما معرفة احكامه او العمل به او معرفة انّه كتاب الله وان ما فيه من الاحكام عن الله وهو التّصديق به المعبّر عنه بالمعرفة الاجمالية ، لا شيء غير هذه الثلاثة فان كان المراد الاوّل فاكثر المسلمين غير عارفين باحكام القرآن وانّما يعرفه الأوحديّ من العلماء والمقلد لا يطلق عليه لفظ المعرفة في العرف القديم ولا باعتبار اللغة العربية فيجب حينئذ ان يكون جميع الناس مكلّفين بمعرفة احكام القرآن ومعانيه عن نظر واجتهاد ومن قصر عن ذلك من المسلمين مات كافرا وهذا مخالف لاتفاق الامّة اذ لا يشترط احد من اهل العلم ذلك في صحة الايمان ثمّ كيف تحصل لاحد من العلماء معرفة معاني القرآن والاحاطة بما فيه من الاحكام على التمام مع اشتماله على المتشابه والمجمل والخاص والعام والناسخ والمنسوخ وغير ذلك من الوجوه ، وعلى هذا لا يموت احد من الناس الا كافرا لتعذر الاحاطة بمعرفة القرآن عليه ولا شك في بطلان هذا الوجه وملزومه ، وان كان الثاني فاكثر الناس غير عاملين بالقرآن بل نبذوا احكامه وتركوا أوامره وعصوا زواجره ولم يعمل به ولا يخالفه في جميع الاحكام الّا يسير بل ايسر من اليسير ومن عمل من الناس به لم يعمل من احكامه الا بالقليل فيجب على هذا انّ من مات وهو عاص فقد مات كافرا لعدم امتثاله لبعض احكام القرآن على ان ذلك لازم في اكثر الناس لما اخبر الله سبحانه في القرآن عن عصيان اكثر الناس بقوله : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (١) وقوله تعالى : (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (٢) وبطلان هذا واضح كالاوّل لا سيّما عند الخصوم ، وان كان الثالث فذاك لا يجهله مسلم ولا ينكره مقر بنبوّة نبيّنا محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فلا معرض للجهالة فيه فلا معنى لتقسيم النّاس بين ميّت على معرفته وميّت على الجهل به كما هو مفاد الخبر فظهر من ذلك انّ المراد بالامام فيه غير القرآن ، ولا يجوز
__________________
(١) سبأ : ١٣.
(٢) الأعراف : ١٧.