ولم نره طعن في صحة الرواية بمخالفة العادة ، وبما فيها من الجرأة العظيمة على عمر.
وروى أيضا ان عمر لما اراد ان يوصي بالشورى واحضر الستة وقال في كل واحد ما قال انه نظر الى طلحة فقال : اقول أم اسكت؟ قال له طلحة : قل فانك لا تقول من الخير شيئا (١) ولم يستبعد ذلك بمخالفته العادة ولم ينكر الرواية لتضمنها جرأة طلحة على عمر بهذا القول الغليظ ، وليس علي (عليهالسلام) عند عمر وعند الناس بدون الزبير وطلحة حتى يحتمل عمر منهما الجرأة الشديدة ولا يحتمل من علي (عليهالسلام) في وقت من الأوقات ان يكنيه ولا يدعوه بامرة المؤمنين مع ان ذلك حال عن ادنى جرأة ، فسبحان الله لا يكون الرد بخلاف العادة الا لما وافق قولنا من اخبارهم ، فهذا دليل عنادهم فقد بطل انكاره.
ومنها ما رواه مرفوعا الى ابن عباس قال : دخلت على عمر يوما فقال : يا بن العباس لقد اجهد هذا الرجل نفسه في العبادة حتى نحلته رياء ، قلت : من هو ، قال : هذا ابن عمك ، يعني عليا (عليهالسلام) ، قلت : وما يقصد بالرياء يا امير المؤمنين؟ قال : يرشح نفسه بين الناس للخلافة ، قلت : وما يصنع بالترشيح قد رشحه لها رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فصرفت عنه ، قال : انه كان شابا فاستصغرت العرب سنه وقد كمل الآن ، ألم تعلم ان الله لم يبعث نبيا الا بعد الأربعين ، قلت : يا امير المؤمنين أمّا اهل الحجي والنهي فانهم ما زالوا يعدونه كاملا منذ رفع الله منار الاسلام ، ولكنهم يعدونه محروما مجذوذا ، فقال : ما انه سيليها بعد هياط ومياط (٢) ثم تزل فيها قدمه ، ولا يقضي منها اربه ، ولتكونن شاهدا
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٨٥.
(٢) يقال : ما زالوا في هياط ومياط : أي ما زالوا في ضجيج واختلاف ورواح ومجيء.