ذلك يا عبد الله ثم يبين الصبح لذي عينين ، وتعلم العرب صحة رأي المهاجرين الأولين الذين صرفوها عنه بادئ بدء ، فليتني اراكم بعدي يا عبد الله ، ان الحرص محرمة وان دنياك كظلك كلما هممت به ازداد عنك بعدا.
قال ابن ابي الحديد : نقلت هذا الخبر من أمالي ابي جعفر محمد بن حبيب (١).
قلت : وقد اعرب هذا عما في قلبه لأمير المؤمنين (عليهالسلام) حتى رام ابطال عباداته بنسبتها الى الرياء ليحط قدره ، ويزيل من القلوب منزلته ، ويسقط منها رتبته ، ومع ذلك فقد اقر بالنص من الرسول على علي (عليهالسلام) حيث انه اعترف بدعوى ابن عباس ان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قد رشح عليا (عليهالسلام) للخلافة ، والترشيح للشيء التأهيل له وهو تعيينه لها ، وذلك النص ، بانها قد صرفت عنه بعد نص النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عليه ، وان اهل العقل والرأي الصحيح يعدونه محروما مجذوذا من حقه ، ولم ينكر من ذلك شيئا وذهب يتعلل في مخالفة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بما لم يزل يتعلل به من صغر السن وخوف العرب ، وما أدري ما يقول ابن أبي الحديد ومن على شاكلته اذا سئلوا أهم اعرف بالمصالح وكمال الناس أم رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) حيث اهل عليا (عليهالسلام) للخلافة وهو صغير السن ، أفيقولون ان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) اهله بغير امر الله فأخطأ وانهم اصابوا حيث صرفوا الأمر الى من هو اكبر منه سنا ، أم يقولون ان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يعلم سن علي (عليهالسلام)؟ أفليس في قوله هذا تصريح بانهم خالفوا نص رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على علي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٢ / ٨٠.