عليه وآله وسلم) تقتضي التقديم والأحقية بمقامه ، ويوازرها في هذه الدلالة قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (١) واذا كان علي (عليهالسلام) هو الأقرب للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والأقرب للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) هو الأحق بمقامه واولى بالتقديم وجب ان يكون هو المقدم بعد النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والقائم مقامه ، فهو اذن الامام وذلك كله مفاد الأحاديث كما سمعت قال ابن أبي الحديد روى ابو عمر بن عبد البر المحدث في كتابه المعروف بالاستيعاب في معرفة الصحابة ان انسانا سأل الحسن ـ يعني البصري ـ عن علي (عليهالسلام) فقال : كان والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه ، ورباني هذه الأمة ، وذا فضلها وسابقتها ، وذا قرابتها من رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يكن بالنؤمة عن امر الله ولا بالملولة في دين الله ، ولا بالسروقة لمال الله ، اعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة (٢) انتهى.
اقول وبما ذكرنا هنا يندفع ما أورده بعض الخصوم فيما ذكرناه في مسألة الأقربية من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من أنه لو كانت الامامة تستحق بالأقربية لكان العباس احق بها من علي (عليهالسلام) ، فهذه الأخبار والأقوال رادة لذلك ومثبتة ان عليا (عليهالسلام) اقرب للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من العباس وذلك لبعض ما ذكرناه من الوجوه هناك.
وأما ما ورد انه اشد جهادا : فانه امر متعارف متعالم وقد ذكره اهل المغازي والسير وذكر ابن ابي الحديد في كتابه منه كثيرا ويكفيك في ذلك قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في خبر الراية المتواتر : (كرارا غير فرار لا
__________________
(١) الأحزاب : ٦.
(٢) شرح نهج البلاغة ٤ / ٩٥ ، والاستيعاب ٣ / ٤٧.