ان الأمر كما قال وقال اسماعيل القاضي والنسائي وابو علي النيسابوري : لم يرد في حق احد من الصحابة بالأسانيد الحسان اكثر مما جاء في علي ، فهذه شهادة مشايخهم فأين الاتفاق الذي ادعاه القوشجي علي تفضيل ابي بكر وعمر على علي (عليهالسلام)؟ واين الشهرة بين الأمة؟ وهل زاد الأمر على كون المسألة من المسائل الخلافية بين الناس؟ والواجب فيها اتباع الدليل الصحيح كغيرها من مسائل الخلاف ، ومن هنا تبين بطلان ما ينسبه قوم من الأشعرية المتعصبين من الابتداع الى من ذهب من المحدثين والعلماء من متقدمي اصحابهم الى تفضيل علي (عليهالسلام) فيقولون : كان فلان عالما فاضلا وكذا وكذا لصفات من الخير ثم يقولون الا انه مال الى تفضيل علي (عليهالسلام) او قال به فيخرجونه من السنة الى البدعة بزعمهم لأنه قال بتفضيل علي (عليهالسلام) ، وذلك عندهم بدعة كما وجدناه في تصانيف قوم منهم وتواريخهم ، وكل هذا لتركهم النظر في الأقوال والأدلة وتقليدهم من تقدم من مشايخهم واساتيذهم على جهالة لا يعلمون وراء ما سمعوه منهم مذهبا ولا يفهمون غير توجيههم في الأدلة توجيها وذلك لا يغني من الحق شيئا.
واحتج القوشجي ثانيا بقوله تعالى : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١) مدعيا ان الآية نزلت في ابي بكر عند الجمهور ، والأتقى هو الأفضل لقوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٢) وهذا الاحتجاج واه لأن الآية مع احتمال كون الأتقى والأشقى بها بمعنى التقى والشقى كقوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (٣)
__________________
(١) الليل ١٧.
(٢) الحجرات ١٣.
(٣) الأنعام ١٢٤.