بشاكّ في نفسه ولا متخوّف عروض نقص في رأيه وقد ملئ بها نهج البلاغة وغيره مما لا مجال الى انكاره ولا سبيل الى دفعه.
والحاصل ان ما استدل به المعتزلي على مطلبه ليس بدليل بعد ما سمعت فيه من الكلام ولا يعارض على ما فيه من الاجمال والاشتباه الادلّة الصّريحة الدّالة على وجوب عصمة الامام كما لا يخفى على ذي حجى ، وان الاستناد الى مثل هذه الأقوال المجملة القابلة للتأويل والمعارضة الادلة الصّراح بها تشبث بما لا يجدي نفعا ولا يغني من الحق شيئا.
واعلم انّه كما يجب عصمة الامام عن ارتكاب الآثام والخطأ في الاحكام كذلك يجب عصمته عن الغلط والسهو والنّسيان لانّه قدوة الانام ومعتمد اهل الاسلام ، فلو جاز عليه ذلك لم يحصل الوثوق التّام بقوله ولا تطمئن النّفوس في الاقتداء بفعله لتجويزها صدور الفعل منه اذ ذاك على جهة الغلط أو السّهو أو النسيان وذلك كما علمت مناف لمنصب الامام ومناقض للغرض من نصبه فوجب أن يكون معصوما ممّا ينافيه.
وأجاز الصّدوق محمّد بن عليّ بن بابويه وشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد (١) وقوع السّهو والنّسيان من الامام في غير تبليغ الاحكام لكنه من فعل الله به لا من فعل الشيطان ولا من ضعف قوته الحافظة بناء على جواز صدور
__________________
(عليهالسلام) : (ما زلت على الطريق الواضح) الخ فقد ورد مثله في زيارته (عليهالسلام) يوم الغدير : (واني على الطريق الواضح الفظه لفظا) نقل ذلك الشهيد في مزاره كما ورد في مفاتيح الجنان للمحدث القمي ص ٣٦٧ كما رواها ابن ابي الحديد عنه أيضا في شرح نهج البلاغة ٥ / ٢٤٩ وانه قالها يوم صفين.
(١) محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد نزيل قم من شيوخ القميين وثقاتهم قال فيه تلميذه الصدوق رحمهالله : «كل ما لم يصححه ولم يحكم بصحته من الأخبار متروك» وفي ج ١٧ من بحار الأنوار رسالة في استحالة السهو على النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ردد نسبتها بين المفيد وتلميذه الشريف المرتضى.