السّهو من الأنبياء على الوجه المذكور ، حتى قال محمّد بن الحسن انّ أول درجة في الغلو نفي السّهو عن الأنبياء واستندا في اجازتهما ذلك الى اخبار وردت بنسيان النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الصلاة وانّه سلم على نقص ساهيا ، وانّ الله سبحانه وتعالى أنساه كخبر ذي اليدين (١) وما شابهه وهو مستند ضعيف اذ مثل هذه الأخبار الآحاد لا يعارض بها الادلة القطعيّة من العقل والنّقل ، بل السّبيل فيها الردّ أو الحمل على أنّها خرجت مخرج التقية لأن ذلك مذهب جميع مخالفينا فيجب ارجاعها الى قولهم ، لا سيّما وقد وردت أخبار أخر بإزائها تنفي ما اشتملت عليه وتنقض ما تضمنته ، ومنها الخبر الذي ورد عن الرّضا (عليهالسلام) في صفات الامام (٢) فيتعيّن فيها ما ذكرناه» وأقل الامور تساقط الاخبار من الطرفين والرّجوع الى الادلّة الثابتة والأخذ بها وهي تثبت عصمة الأنبياء والأئمة (عليهمالسلام) من جميع ما ينفر منه الطبع ويحصل منه عدم الوثوق والاطمئنان بهم في القول والفعل فيثبت المطلوب على انّ اتّفاق الاماميّة على ذلك حاصل او هو الحجّة ، وخلاف الشيخين المذكورين غير قادح فيه لمعلومية نسبهما ومن ذلك يعلم ان نسبة السّهو الى الأنبياء تقصير ونفيه عنهم حقّ وصواب والله الهادي.
وقد تبيّن ممّا حررناه وجوب كون الامام منزّها عن الخصال الدنيّة
__________________
(١) ذو اليدين ويقال له ذو الشمالين أيضا هو عمير أو عمرو بن عبد عمرو صحابي استشهد يوم بدر والرواية عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الظهر أو العصر فسلم في ركعتين فقال له ذو الشمالين بن عبد عمرو وكان حليفا لبني زهرة : أنسيت أم قصرت الصلاة! فقال له رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (لم أنس ولم تقصر أكما يقول ذو اليدين!) فقالوا : نعم فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم .. الخ روى ذلك جماعة من المحدثين منهم البخاري في كتاب الصلاة ١ / ١٢٣.
(٢) ستأتي صفة الرضا (عليهالسلام) للإمام في آخر الكتاب.