إمامته ، فتبين من جميع ذلك ان الاختيار في الامامة لا عبرة به ولا تأثير له ولا تعويل عليه والامام به ليس بإمام حق تجب طاعته ولا بدليل هدى يتحتم الاقتداء به ، ومن انصف عرف ذلك وتحققه ، واذا بطل كون الامامة بالاختيار وجب ان تكون بالنص او المعجز اذ لا طريق غير ذلك لها فثبت ما قلناه والله الهادي.
واعلم انه ليس لمخالفينا على ما ادعوا من صحة الامامة بالاختيار حجة من آية او رواية ، ولا عثرنا لهم في كتبهم على ذلك بمتمسك يتمسكون به ، ولا ذكروا له دليلا سوى ما حدث من بعض الصحابة حيث بايعوا أبا بكر ونصبوه إماما ولم يكن منصوصا عليه ، فلولا ان الاختيار طريق للامامة لم تكن إمامة ابي بكر صحيحة لكنها صحيحة لاجماع الصحابة عليها فيكون الاختيار مثبتا للامامة لم نجد لهم سوى هذه الشبهة الواهية وفسادها ظاهر لاهل النظر ، بل ليست مما ينبغي ان يذكرا وذلك من وجوه.
الاول انها مصادرة على المطلوب اذ لا تصح إمامة المذكور الا بعد جواز الاختيار والاختيار باطل بالأدلّة ، والباطل لا يثبت شيئا ولا يصححه ، فكان الواجب أولا ان يصححوا الاختيار بدليل حتى يثبتوا به إمامة الرجل ، وهم انما صححوا الاختيار بامامته التي لا تصح الا بالاختيار فيلزم من ذلك الدور وهو باطل.
الثاني منع الاجماع فإن المعروف من معنى الاجماع عند الخصوم كما ذكروه في كتبهم الاصولية انه عبارة من اتفاق اهل الحل والعقد ، ومعلوم ان اتفاق اهل الحل والعقد لم يحصل على إمامة ابي بكر بالرضا والاختيار ، بل كان الناس بعد النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على ثلاث فرق ، فرقة ما لو إلى علي (عليهالسلام) واخرى الى سعد بن عبادة ، واخرى الى ابي بكر ، وما زال الاختلاف باقيا الى يومنا هذا ولقد أجاد من قال.