الثاني (١) انها معارضة بما روى من مدح المأمّرين المذكورين وقد رواه من روى مدح الثلاثة من المحدثين مثل (ابي عبيدة امين هذه الامة) و (عمرو بن العاص أحبّ الناس إليّ) و (خالد سيف الله) والتأمير يكون قرينة الترجيح فان رد الجميع بالوضع فلا احتجاج بالكل فتأمل الوجه الثاني (٢) ان علي بن ابي طالب (عليهالسلام) رضي بتقديم ابي بكر وعمر وعثمان عليه في الخلافة وهو عند نفسه افضل منهم وعندنا كذلك ، ولو لم يجز تقديم المفضول على الافضل عنده لما رضي بتقدمهم عليه ، وهذه الحجة مع انها معتمدهم واهية جدا والجواب عنها يمنع المقدمة الاولى فإن عدم رضي امير المؤمنين بتقدم ابي بكر عليه اظهر من الشمس الضاحية ، وقد روى هذا المحتج فيما صح عنده من الروايات امتناع علي (عليهالسلام) عن بيعة ابي بكر مع جملة من اصحابه وهم خيار الصحابة وصلحاؤهم ، وتألمه من تقدم ابي بكر عليه حتى أخرج الى البيعة بالقهر والغلبة على اوعر وجه وأشد هوان هو ومن معه وروى أيضا ان عليا استنصر الناس على ابي بكر ، كان يركب فاطمة على حمار ويأخذ معه الحسن والحسين ويمضي الى دور المهاجرين والانصار يطلب منهم النصرة على ابي بكر وتطلب فاطمة (عليهاالسلام) منهم له الانتصار على ابي بكر فلم يجبه الا أربعة او خمسة (٣) وقد عيّره معاوية بذلك في مراسلاته وبأنه قيد الى البيعة كما يقاد البعير المخشوش (٤) فما انكر شيئا من ذلك بل كان من جوابه لمعاوية (وقلت : اني اقاد كما يقاد البعير
__________________
(١) من الوجوه في رد بعض الأحاديث الموضوعة في الفضائل.
(٢) أي الوجه الثاني من الوجهين اللذين تمسك بهما المعتزلة من جواز تقديم المفضول على الأفضل.
(٣) شرح نهج البلاغة ١١ / ١٤.
(٤) المصدر السابق ٢ / ٤٧ والخشاش ـ بكسر الخاء المعجمة ـ : عود يجعل في عظم أنف الجمل الصعب ليسهل قياده.