ان اصحابنا الامامية وبعض فرق الشيعة قالوا انه لا يجوز خلو زمان التكليف من امام معصوم تقوم به الحجة لله على خلقه وتزاح به علتهم ، وتجتمع به كلمتهم ، وتحصل به الفتهم ، ويدلهم على مراشدهم ويهديهم الى سبيل نجاتهم ، ويبين لهم ما اختلفوا فيه من امر دينهم وينتظم به أمر دنياهم ، وتنجح به مطالبهم ومصالحهم في معاشهم ومعادهم ، ويزول به الشك ويتضح به الحق وترتفع به الحيرة ويقمع به الباطل ويقام به الأود ويثقف به العوج ، ويستبين بنوره طريق الهدى ويستضيئون بضياء علمه في حنادس الجهل وغياهب الظلماء ، ولا يشترط تمكنه ولا على الله تمكينه من اقامة عمود الدين واعزاز دولة الاسلام بنفسه ، بل يجب عليه القيام بذلك مع وجود المعين والناصر وبذل الطاعة ممن يحصل به النصرة والانتصار على الأعداء ، وخالفنا في ذلك مخالفونا القائلون بان نصب الامام من قبل الرعية من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم ، فجوزوا خلو العصر من امام بتلك المثابة على أن مقتضى ادلة الطائفتين كما عرفت وجوب نصب الامام على العباد في كل زمان وان تركه اخلال بالواجب عقلا كما عن المعتزلة أو شرعا كما عن الأشاعرة ، ولازم ذلك ارتكاب الجميع منهم العصيان بتركهم نصب الامام الذي تحصل به حماية حوزة الاسلام ويدفع به الضرر عن المكلفين في جميع الأزمان ، إذ لا نراهم فعلوا ما أوجبوه على أنفسهم والتزموا به في مذهبهم من قديم الأعصار فدخلوا باخلالهم بالواجب عندهم في زمرة العاصين وكانوا بتركهم اياه في عداد الفاسقين ، وحسبك بلزوم الفسق لهم وتوازرهم عليه لاهمالهم ما وجب عليهم بحكمهم دليلا على فساد قولهم وبطلان مذهبهم ، ومن ثم كان الصحيح ما عليه اصحابنا ، ولنا على ذلك مضافا الى الأصل ادلة كثيرة من العقل والنقل.
الأول : انا بينا ان الامام لطف وان اللطف منحصر فيه ، واللطف واجب على الله تعالى والازمان متساوية والمكلفون متماثلون ، فليس زمان