بِإِمامِهِمْ) (١) فانّه صريح في انّ لكل اناس إماما ، وإضافته الى ضميرهم يدل على تغيّره بتغيّرهم فيكون لكل عصر امام ، وقد قال المفسرون في معنى الآية انّه ينادى في الموقف يا اتباع فلان ويا اصحاب فلان فينادى كلّ قوم باسم امامهم ، وهو نص فيما قلناه من انّه لا بدّ في كل عصر من امام ، وانّه شخص انساني لا القرآن اذ لا يتغيّر بتغيّر الازمان ولا يكنى عنه بفلان ، وقوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٢) وهو أيضا نصّ في ان كل قوم لا بد ان يكون فيهم هاد يهديهم الى حكم الله ويدلهم على ما يقربهم إليه وليس عصر من الاعصار الا وفيه من هو كذلك ، فاذن وجود الامام واجب في كلّ اعصار التكليف ، وجملة من الآيات المتقدمة تومي إليه وكذا غيرها وان لم تكن صريحة فيه.
الرابع : الأخبار الدّالة على عدم خلو العصر من حجة لله على خلقه عالم لا يتغيّر علمه فمنها الخبر المشهور وهو قول النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (من مات بغير امام مات ميتة جاهليّة) (٣) وفي لفظ عبد الله بن عمر كما رواه الاسكافي (٤) (من مات ولا امام له مات ميتة جاهلية) ولفظ الصّدوق
__________________
(١) الاسراء : ٧١.
(٢) الرعد : ٧.
(٣) في رواية مسلم في صحيحه كتاب الامارة باب الأمر بلزوم الجماعة برواية عبد الله بن عمر : (ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) ورواية الامام أحمد في المسند ٤ / ٩٦ : (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية).
(٤) الاسكافي : هو ابو جعفر محمد بن عبد الله من متكلمي المعتزلة وأحد أئمتهم وإليه تنسب الطائفة الاسكافية منهم ، بغدادي أصله من سمرقند وكان المعتصم العباسي يعظمه ، ومن آثاره الباقية «نقض العثمانية» وهي رد على رسالة الجاحظ المعروفة ب «العثمانية» وكانا في عصر واحد ، وقد نقل ابن ابي الحديد معظم هذه الرسالة في مواضع من شرح نهج البلاغة ، وقد طبعت رسالة الجاحظ مع نقضها في مصر توفي الاسكافي سنة ٢٤٠.