لكثرة الاختلاف فيهما واحتمالها الوجوه المتعددة ، وباطن الكتاب لا تبلغه عقول الرجال ولا افهام الناس كيف والله تعالى يقول : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) (١) وليس الرّاسخ في العلم الّا الامام المؤيد من الله بالالهام كما سيأتي فيه البيان التام ، واخبار الآحاد لا تفيد الّا ظنا مع ان كلا من ظواهر الكتاب والسّنة النبويّة المتواترة واخبار الآحاد ، لا تستوعب الاحكام والوقائع ، والاجماع الضّروريّ لم يحصل الّا في قليل من احكام الشرائع ، وما ليس بضروريّ لا يفيد العلم مع انّ حجّيته بدون دخول من لا يجوز الخطأ عليه في الاحكام في جملة المجمعين غير ثابتة لجواز الخطأ على الآحاد فيجوز على الجملة ، ولا قدح في ذلك بالأخبار المتواترة لانّها اخبار عن محسوس والاجماع اخبار عن أمر نظري ، وليس يتطرق الى المحسوسات من الخفاء والاشتباه ما يتطرّق للأمور النظريّة غير اليقينية فلذلك امتنع الاشتباه في المحسوسات على الخلق الكثير عادة دون النظريات وحصل القطع باخبار جماعة كثيرة لا يحتمل تواطئهم على الكذب فيها دون النّظريات والمعاني المعقولة فان احتمال اتفاق الافهام على الخطأ فيها قائم فتبين الفرق وزال القدح ، والقياس لا يفيد الّا وهما غير معتبر في الشّرع ، لأن المطلوب معرفة الحكم باليقين لا بالوهم ، على ان اصحابنا أبطلوه من الاصل واحتج لابطاله شارح الباب الحادي عشر بان مبنى شرعنا على اختلاف المتّفقات كوجوب الصّوم آخر رمضان وتحريمه أوّل شوال ، واتّفاق المختلفات كوجوب الوضوء من البول والغائط ، واتّفاق القتل خطأ والظهار في الكفّارة ، هذا مع انّ الشارع قطع سارق القليل دون غاصب الكثير ، وجلد بقذف الزنا واوجب فيه اربع شهادات دون الكفر وذلك كلّه ينافي القياس ، وقد قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (تعمل هذه الامّة برهة بالكتاب وبرهة
__________________
(١) آل عمران : ٧.