ضررا من انكار الجميع ، فهو قد ترك قتالهم ارتكابا لأقل الضررين في الدين كما هو الواجب فيما اذا تعارض الضرران ان يرتكب اقلهما قبحا فأمير المؤمنين فعل ما هو تكليفه في ذلك الوقت بخلاف حاله في زمان خلافته ، فانه ليس هناك الا انكار الامام والضرر الأعظم مأمون من وقوعه ، فقاتل لرفع ذلك الضرر عن الدين ، وهذا كله بخلاف ما لو وجد في اوّل الأمر اعوانا وانصارا فان كثيرا من الناس اذا رأوا انتصاره ينحازون إليه ، ويكثرون عنده لأن الناس مع الظاهر الغالب ومن في نفسه شك او ريبة تزول فتبقى الدعوة قائمة مستمرة ، ومن ارتد من العرب بعث إليه من يقاتله من جنود المسلمين فيستقيم امر الملة ، ولا يحصل الضرر بزوال كلمة الاسلام ، لكنه لم يجد الأنصار اذ طلبهم فكف وسكت حذرا من لزوم ذلك اللازم الأعظم ضررا على الدين.
الخامس ما روى عن سيدنا ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهالسلام) من طرقنا حين سأل ألم يكن علي (عليهالسلام) قويا في بدنه قويا في امر الله؟ فقال : بلى قيل : ما منعه ان يدفع او يمتنع قال سألت فافهم الجواب ، منع عليا (عليهالسلام) من ذلك آية من كتاب الله فقيل وأية آية فقرأ : (لَوْ تَزَيَّلُوا) (١) الآية انه كان لله تعالى ودائع مؤمنون في اصلاب قوم كافرين ومنافقين ، فلم يكن علي (عليهالسلام) ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع فلما خرجت ظهر على من ظهر وقتله وكذلك قائمنا اهل البيت لن يظهر ابدا حتى تخرج ودائع الله ، فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله (٢) وفي هذا اشارة صريحة الى ان عناية الله تعالى باخراج المؤمن من حيز العدم الى عالم الوجود التكليفي اشد من عنايته بقتل الكافر وازالة كفره ، كما أن عنايته
__________________
(١) الفتح ، ٢٥.
(٢) تفسير نور الثقلين ٥ / ٧٠ عن تفسير علي بن ابراهيم القمي.