حلال إلا ما حلله ولا حرام الا ما نهى عنه وابطله (١) وليس بعده نبي ولا ينسخ بعده حكم وما ورد من الأخبار في ذلك مثل قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (ايها الناس لا نبي بعدي ولا سنة بعد سنتي) والمراد انه لا نسخ لما ثبت حكمه في سنته بعد وفاته ، وخالفوا اجماع المسلمين قاطبة على ذلك حتى جعلوا صاحب الشريعة ومهبط الوحي ونبي الرحمة كعمر وان اجتهاده كقول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الذي هو عين حكم الله ومع ذلك لم يتفطنوا الى ان هذا القول يوجب هدم الشريعة ، وابطال الأحكام النبوية ، لأنه اذا جاز مخالفة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بالاجتهاد في تحريم حلال وتحليل حرام جاز لكل مجتهد مخالفة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في اثبات فريضة لم يفرضها ، واسقاط فريضة فرضها ، وجاز زيادة ركعة في صلاة ونقص ركعة من اخرى ، وغير ذلك من الأحكام ، اذ لا فرق بين عمر وغيره من المجتهدين في ذلك ولا بين المذكورات وغيرها من الأحكام ، ويتمشى ذلك الى قلع اساس الشريعة المحمدية فاين اذن وجوب الأتباع ولزوم القبول من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والاستماع وتحريم التشريع في الدين والابتداع؟ على ان ذلك لو صح لا نجر الى جواز الاجتهاد في ترك العبادات اذ لا فرق بين كل ذلك فيبلغ الأمر الى الكفر فلا لوم بعد ذلك على الكفار الذين اداهم اجتهادهم الى تكذيب النبي المختار فقد جوز القوشجي واصحابه لعمر مخالفة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) باجتهاده ، واذا جاز ذلك لعمر فلا مانع من جوازه لغيره اذ لا فصل بين الأمرين ولا فارق بين الوجهين ، ومن اعجب العجائب انهم جوزوا الاجتهاد لعمر في مخالفة الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ولم يجوزوا لأحد الاجتهاد في مخالفة عمر فتراهم ينكرون على من احل المتعة انكارا بليغا يعدل
__________________
(١) يشير الى الحديث : (ما احللت الا ما حل الله ولا حرم الا ما حرم الله) انظر طبقات ابن سعد ٤ / ٧٢ ط القاهرة.