قررناه لا ترتاب في بطلانه وبذلك يسلّم دليلنا من الإيراد ويتمّ به المراد.
الثالث (١) : انّ الامام لو اقدم على المعصية لوجب الانكار عليه وهو مضادّ لوجوب اطاعته الثابت بقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٢) ومفوت للغرض من نصبه وهو امتثال اوامره واجتناب مناهيه واتباعه فيما يفعله فيكون من تجب طاعته والاقتداء به في القول والفعل يجب الانكار عليه والبراءة من فعله ، او يلزم الاثم بترك النكير عليه ، او يخرج الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عن كونهما واجبين ، وكله باطل فوجب ان يكون الامام معصوما لدفع هذه المحذورات ، واجاب عنه القوشجي بان وجوب الاطاعة انّما هو فيما لا يخالف الشرع ، واما فيما يخالفه فالردّ والانكار فان لم يتيسر فسكوت عن اضطرار أقول : وهذا ليس بجواب عن الدّليل بالمرّة ، وانّما هو تدليس وتشبيه على غير ذي الرويّة ، لأنّ قوله : ان وجوب الاطاعة انّما هو فيما لا يخالف الشّرع مسلم لا ينكره احد ولا ندّعي خلافه وكذلك قوله وامّا فيما يخالفه فالردّ والانكار صحيح مسلم وهو خلاف المدعي ، فانّ المدّعى انّ الامام لا يجوز عليه الخطأ وارتكاب المعصية ، ولو جاز عليه ذلك فحين يواقع الخطيئة ان وجب الانكار عليه خرج عن كونه واجب الطّاعة وهو واجب الطّاعة بالنّص والاجماع ، وان لم يجب الانكار عليه خرج الواجب عن كونه واجبا وهو كذلك باطل فحينئذ وجب كونه معصوما لا يواقع معصية ولا يحتاج الى الانكار عليه ويكون الرّاد عليه قوله رادّا على الله ورسوله ، وليس المدّعي انّ الامام يخالف الشرع فتجب اطاعته في مخالفة الشّرع ولا يجوز الانكار عليه وجوابه انّما يتوجّه علينا لو كان هذا مدّعانا وليس هذا هو فسقط الجواب من اصله ولا يتوجّه له الجواب الّا باقامة حجّة على منع اللّوازم الباطلة مثل ان يمنع وجوب الإنكار على الامام اذا عصى
__________________
(١) أي من الأدلة على وجوب عصمة الامام.
(٢) النساء : ٥٩.