مات الوصي قبل الموصى تحقق بموته انفساخ وصيته لا بدلالة اللفظ ، فقول موسى (عليهالسلام) لهارون (عليهماالسلام) (اخلفني في قومي) (١) نص على استخلافه غير مقيد بوقت ، فلو فرض ان موسى (عليهالسلام) توفاه الله في مسيره ذاك لكان هارون خليفته بذلك الاستخلاف قطعا ، وليس لأحد ان يقول انه ينعزل بموت موسى (عليهالسلام) مع شمول اللفظ للحالين ، ولا يقول بذلك نبيه ، بل نقول انه خليفة موسى (عليهالسلام) في غيبته وموته غيبة وان لم يرج زوالها فالحال واحدة ، وكذا القول فيما لو رجع ومات بعد رجوعه ولم يصرح بعزل هارون فانه يكون أيضا خليفته بذلك الاستخلاف الأول ، ولا يعترض الشك لعاقل فيه ، واما انفساخ خلافته بموته قبل موسى فليس من جهة قصور الدلالة اللفظية في الاستخلاف ، بل من جهة استحالة نيابة الميت عن الحي ، فكذا نقول في علي (عليهالسلام) ثبتت له الخلافة للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على سبيل العموم على ما ثبتت لهارون ولم يعرض ما يفسخها من فعل او قول فيجب بقاؤها له بعد موت النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بالضرورة وعن الثاني بان القيام مقام النبي الأول لا يكون بمجرد النبوة فيقوم من بعده من هو نبي مقامه مطلقا ، بل لا بد من استخلافه والوصية إليه والا لكان كل نبي يقوم مقام من قبله فيلزم تعدد الخلفاء في زمان واحد ، وهذا باطل بما صح بالاتفاق ان موسى (عليهالسلام) قام مقامه يوشع بوصيته إليه ولم يكن لأنبياء ذلك الزمان مع كثرتهم ذلك المنصب بالنبوة ، وكذلك بعد يوشع لوصيه وهكذا الى طالوت وداود والى سليمان وهلم جرا الى ان جددت شريعة عيسى (عليهالسلام) وكان الحال فيها كسابقتها يقوم الثاني مقام الأول بوصية إليه لا بنبوة الثاني فقط ، فهارون (عليهالسلام) لو بقي بعد موسى (عليهالسلام) لكان خليفته بذلك الاستخلاف لا بنبوته والا لكان خليفته في حياته بالنبوة ولم يحتج الى
__________________
(١) الأعراف ١٤٢.