الأول : منع توجه الخطاب بذلك لعامة المكلفين ابتداء ، بل الخطاب متوجه به كذلك الى الأئمة والمكلفون مأمورون بطاعتهم ومعاونتهم عليه ومنهيون عن التخلف عن امرهم فالخطاب به توجه إليهم بواسطة وجوب مؤازرة الأئمة عليهم في ذلك كله فهو خطاب ثانوي وقوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) على القتال (١). وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (٢) وقوله تعالى : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) (٣) وقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤). وغيرها من الآيات الجارية هذا المجرى وقول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فيما استفاض : (لي عليكم أن لا تأمروني ولا ان تنهوني وإنما عليكم ان تسمعوا وتطيعوا) شواهد صدق على ما قلناه ، اذ الإمام في ذلك كله كالنبي لأنه خليفته فليس على المكلفين تعيين من يتوجه له الخطاب من الشارع بذلك كما انه ليس عليهم أن يعينوا شارعا يتوجه له الأمر من الله به ، بل على الشارع تعيين شخص لذلك كما كان على الله تعالى أن يبعث شارعا بما يريد من الشرع واستقلال النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في حياته بتأمير الأمراء دليل على أن تعيين الأمير العام من بعده له وعليه لا للرعية ولا عليهم والا لفوض لهم ذلك في حياته فتبين أن عامة الناس ليسوا بمأمورين بتلك الأمور المذكورة على الاطلاق وبذلك بطل الدليل.
الثاني : إن التكليف بذي المقدمة بواسطة التكليف بذيها مشروط بقدرة
__________________
(١) النساء : ٨٤.
(٢) التوبة : ٧٣.
(٣) التوبة : ١٢٠.
(٤) النور : ٦٣.