ولا تلوون على احد ، ألستم اصحابي يوم كذا؟) يقرعهم بذلك ويبكتهم (١) واظهاره الغضب حين اراد ان يكتب الكتاب في رزية يوم الخميس فقال من قال : انه ليهجر وقوله : (قوموا عني فانه لا ينبغي عند نبي تنازع) (٢) وقوله لسعد بن ابي وقاص : (ثكلتك امك انما تنصرون بضعفائكم) وهكذا كان يردعهم بالكلام الغليظ ويعفو عما زاد عليه ، والسر في ذلك الا يتوهم الناس انه ملك جبار لا نبي حليم متواضع ، ولو كان نبيا لما قتل قوما دعاهم الى دينه فاجابوه وانتصر بهم على عدوه بمجرد زلة أو خطيئة او مخالفة له في حكم ، وهذا ليس من خلق الأنبياء بل من خلق الأنبياء التأني وغفران الزلة وتوضيح الحكم عند المخالفة ، وليس من خلقهم قتل اصحابهم في مثل ذلك ، فان موسى قال له قومه : (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) وهذا الكلام فيه تشاؤم من موسى (عليهالسلام) وتضجر فأجابهم بما قصه الله تعالى : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ) (٣) الآية وقالوا له : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) (٤) حين مروا بعد خروجهم من البحر بقوم يعبدون شجرة ، فاجابهم (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) وهذه من اعظم الجرائم لانهم ارادوا منه ان يصيرهم مشركين وقالوا له : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٥) بعد امتناعهم عن دخول الأرض المقدسة ، وقولهم : (لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها) (٥) وغير ذلك ومع هذه المخالفات العظيمة من بني اسرائيل لموسى (عليهالسلام) مما قصه الله في القرآن لم
__________________
(١) انفه عمر (رضي الله عنه) من الصلح رواها عامة المحدثين وارباب السير نذكر منهم البخاري في صحيحه ٢ / ٨١ ومسلم ٥ / ١٧٥ كتاب الجهاد والسير النص والاجتهاد ص ١٧٠
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) الأعراف : ١٢٩.
(٤) الأعراب : ١٣٨.
(٥) المائدة : ٢٤.