تركه وترك بنيه واهله سوقة ورعية فقد عرض دماءهم للإراقة بعده ، بل يكون هو الذي قتلهم واشاط بدمائهم ، لأنهم لا يعتصمون بعده بامر يحميهم ، وانما يكونون مضغة للأكل وفريسة للمفترس ، يتخطفهم الناس ، ويبلغ فيهم الأغراض ، فأما اذا جعل السلطان فيهم والأمر إليهم فانه يكون قد عصمهم ، وحقن دماءهم بالرئاسة التي يصولون بها ، ويرتدع الناس عنهم لأجلها ، ومثل هذا معلوم بالتجربة ، ثم ذكر لهذا مثالا وقال بعده : أفترى ذهب عن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) هذا المعنى أم احب ان يستأصل أهله وذريته من بعده؟ واين موضع الشفقة على فاطمة العزيزة عنده الحبيبة الى قلبه؟ ، أتقول انه احب ان يجعلها كواحدة من فقراء المدينة تتكفف الناس ، وان يجعل عليا المكرم المعظم عنده الذي كانت حاله عنده معلومة كأبي هريرة الدوسي وانس بن مالك الأنصاري يحكم الأمراء في دمه وعرضه ونفسه وولده فلا يستطيع الامتناع وعلى رأسه مائة الف سيف تتلظى أكباد اصحابها عليه؟ قد قتل ابناءهم واخوانهم وآباءهم واعمامهم (١) انتهى المراد من كلامه.
اقول لم يكن لابن ابي الحديد من دفع إرادة امير المؤمنين (عليهالسلام) ومن سأله يوم السقيفة الا استبعاده صدور العصيان من الصحابة ، وهذا وان كان في نفسه ليس بدليل معتمد ، لأن الصحابة ليسوا بمعصومين عنده ، بل عند جميع الأمة ، فقد عارضه استبعاد النقيب من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) اهمال امر الأمة وتركه دم عترته قريبا من السفك ، وبعيدا من الصيانة ، وكل الشيعة على هذا الوجه يعولون ، وهذا اقوى وارجح واقرب الى العقل السليم من الأول ، وان شئت قلت ان العقل لا يجوز صدور خلافه عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، فهو على كل حال مقدم عليه ، ومن ذلك يثبت النص فافهم على ان استبعاد المعتزلي إرادة الأولين من
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٩ / ٢٤٨.