بالبيعة ، وجنح الى الطاعة ، وامسك عن طلب الأمرة ، وان كان على مضض ورمض الى آخر ما اتى به من الكلمات الواهنة.
وأقول هذا الرجل وان كان ابطل ما دبر ونقض ما ابرم ، وكفانا مئونة الجواب عما موه به من الزبرج في القول ، بقوله : ان امساك امير المؤمنين (عليهالسلام) عن طلب الأمرة كان على مضض ورمض (١) ـ ، اذ لو كان ثبت عنده انهم اصابوا الحق لكان المضض والرمض منهم خطأ منه ، وكيف يحترق قلبه ويتألم من فعل قوم اصابوا الحق ، وعملوا بالصواب وحفظوا الدين عن صولة الكفار ، وكلمة المسلمين عن الانتشار ، ليس هذا من سجية المؤمنين ، ولا من خلق الصالحين ، فكيف يصدر من سيدهم ومقتداهم ومن هو اكثرهم عناء في اظهار الدين ونصر الاسلام والمسلمين ، ونكاية المشركين؟ بل الواجب لمثله (عليه الصلاة والسلام) ان يسر ويفرح بما فعلوه اذ كان موافقا لغرضه ، ويثني عليهم اذ كان ما دبروه مطابقا لمقصده والمعروف من حاله (عليهالسلام) انه لا يحزن للدنيا ولا يفرح لها ولا نظر له فيها وانما حزنه وسروره للدين ، ونظره الحق اين كان وكيف كان ، فمضضه ورمضه فيما فعلوه من تقديم الأول عليه لا بد أن يكونا راجعين الى امر الدين ، وما ذلك الا لارتكابهم قبيحا لا حسن فيه ، وفعلهم خطأ لا صواب يلم به ويدانيه ، فقد قضى ببقائهما المعتزلي على ائمته اذ اقر بمضض علي (عليهالسلام) ورمضه منهم وهذا كاف في اثبات دعوانا عدم رضاه عنهم ، وان امرهم غير صحيح عنده ولا جائز لديه ، فيكون كفه لعدم القدرة على انتزاع حقه منهم كما بينا مرارا ، الا انا نتعرض لذكر ما يرد على جمل كلماته فنقول : اما قوله : ان امير المؤمنين كان يظن ان عقد الامر لغيره لم يقصد منه الا صرف الأمر عنه الخ فجوابه ان امير
__________________
(١) المضض : وجع المصيبة ، والرمض ـ هنا ـ : احتراق القلب من شدة الألم.