واخويه دون من سواهم من الأمة كما يصرح بذلك قوله في اوّل الكلام : (لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة احد ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه) ثم ذكر ما لهم من الأوصاف التي اختصوا بها ولم تكن في غيرهم حتى يصح ما قاله من عدم مقايسة غيرهم بهم وعدم تسويته بهم فقال : (هم اساس الدين) الى آخر الأوصاف التي من جملتها ان فيهم الوصية ، ولو شاركهم غيرهم في هذه الصفات اذن لارتفع المدح بزوال الاختصاص ، ولم يقع الكلام موقعه والوصية ببعض الامور كما ذكر الخصم لا يختصون بها لما ذكرناه من ايصاء النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بامور مخصوصة لأناس كثير من اصحابه بالخصوص ولجملتهم بقوله : (خلفت فيكم الثقلين) وقوله : (اخرجوا المشركين من جزيرة العرب حتى لا يبقى فيها الا مؤمن) او قال : (مسلم موحد واجيزوا الوفد بمثل ما أجيزه) وقوله : (كفنوني في كذا وكذا وادخلوا علي فوجا فوجا للصلاة علي) ولقريش خاصة بقوله : (اوصيكم بالأنصار خيرا فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم) (١) وكثير من امثال هذا ، ولما كانت الوصية ببعض الأمور ليست مما تميزوا بها عن غيرهم واختصوا بها دون من سواهم وجب حمل الوصية على ما لم يشاركهم فيه غيرهم ، وليس الا النص والخلافة وثبت المطلوب واما قول ابن ابي الحديد : لعلها اي تلك الأمور اذا لمحت اشرف واجل يعني من النص والخلافة ، فهو باطل مخدوش اذ لا منصب اجل من الامامة ، ولا منزلة أشرف من الخلافة ، فانها مقام الأنبياء ومنزلته الأولياء الأصفياء قال الله تعالى لابراهيم : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ
__________________
(١) هذه الوصايا وردت عنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في كثير من الكتب وقد مر حديث الثقلين ، وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (اخرجوا المشركين من جزيرة العرب» رواه الطبري في تاريخه ٦ / ١٨٠٦ ليدن ، وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣١ عن تاريخ الطبري.