ومنعوه واتباعه من مخالفتهم والزموه واياهم بموافقتهم ، وتوعّدوه بالقتل ان لم يفعل وقتلوا من الأئمة من لم يقبل ما طلبوا منه من موافقتهم ، ومن اتهموه بتبعية الامام من المسلمين ، فكان اختلافهم في الشّرعيّات ناشئا عن مخالفتهم ما اراد الله من طاعة الامام وفرعا على معصيته في حكمه المعيّن عليهم من تحري مخالفة الامام فلم يكن الله ليريد منهم الاختلاف المسبب عن مخالفتهم مراده ولا ليرخص لهم فيه لأن أصل اختلافهم في أحكامه خروجهم عن طاعته في أمره وردّهم عليه حكمه ، والله تعالى لا يرخص لأحد من الخلق في معصيته وردّ أمره ولا في اصل ذلك وفرعه ، فكانت حالنا غير حالهم ولم يكونوا مثلنا لأنا غير قادرين على ازالة المانع من اظهار الحق وهم متمكنون من ازالته ببذل الطّاعة للامام فافترقت الحال بيننا وبينهم ، فان قالوا : فما منع الامام من جهاد العدوّ ودفعهم ليتمكن من بيان الحق وما منع اتباعه من معونته على ذلك؟ قلنا : المانع للجميع عن الامرين كون اتباع الامام في جميع الاوقات لقلتهم بالإضافة الى مخالفيهم غير متمكنين من نصرة الامام الى حدّ يبلغ به الغلبة على اعدائه ودفعه الضرر عن نفوس اوليائه ليحصل له الامكان من تعيين الحكم الواقعي فكان حكم الله في حقّه وحقهم السكوت والكفّ فسبيلهم في هذه الحال سبيل المسلمين في مكة قبل الهجرة فان الله اوجب عليهم الكف وترك الجهاد واخبر عن ذلك بقوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) الآية (١) وذلك لضعف المسلمين يومئذ عن مدافعة المشركين ولزوم اتيان المشركين عليهم لو جاهدوهم لكثرتهم ، وقد علم جميع الناس ان من جاهد من ائمة الحق لإحياء الدّين قهر وقتل افظع قتلة ، وذلك لقلّة ناصريه وسالم من قبله لكثرة خاذليه ولم يبلغ سيّد أئمة الهدى مطلبه ولم يدرك مأربه من اقامة عمود الدّين ،
__________________
(١) النساء : ٧٧.