لأنه كان في الأول على رأيهما بل صحبهما وأخذ عنهما.
ثم تكلم الناس بعد ذلك في الاستطاعة ، فيقال : ان أول من أظهر القول بأن الاستطاعة مع الفعل يوسف السمتي (١) وانه استزله الى ذلك بعض الزنادقة فقبله عنه ، ثم قال بذلك حسين النجار (٢) ، وانتصر لهذا القول ووضع فيه الكتب فصارت مذاهب المجبرة بعد ذلك على ثلاثة أقاويل :
«أحدها» ان الله تعالى خلق فعل البعد وليس للعبد في ذلك فعل ولا صنع وانما يضاف إليه أنه (٣) فعله كما يضاف اليه لونه وحياته ، وهو قول جهم.
«والثاني» ان الله تعالى خلق فعل العبد وأن العبد فعله باستطاعة (٤) في العبد متقدمة ، وهو قول ضرار ومن وافقه.
«والثالث» ان الله تعالى خلق فعل العبد وان العبد فعله باستطاعة حدثت له في حال الفعل لا يجوز أن تتقدم الفعل ، وهو قول النجار وبشر المريسي (٥) ومحمد
__________________
(١) يوسف بن خالد السمتى الفقيه ، قال أبو حاتم : رأيت له كتابا وضعه في التهجم ينكر فيه الميزان والقيامة ، مات في رجب سنة ١٨٩ ه (ميزان الاعتدال : ٥ / ٤٦٣).
أقول : كذا ورد «السمتى» في ميزان الاعتدال ، وفي أومط : السمنى.
(٢) أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله النجار الرازي ، رأس الفرقة النجارية من المعتزلة ، وهو من متكلمي المجبرة ، وله مع النظام عدة مناظرات ، توفى نحو سنة ٢٢٠ ه (الاعلام للزركلى : ٢ / ٢٧٦).
(٣) في مط : لانه.
(٤) في ا : استطاعة.
(٥) أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبى كريمى المريسي الفقيه الحنفي ، اشتغل بالكلام وجرد القول بخلق القرآن وحكى عنه في ذلك أقوال شنيعة ، وكان مرجئا واليه ـ